فاشتملت الآيتان على هذين الحُكْمين وهما القيام بالقسط والشهادة به على الأولياء والأعداء.

ثم قال تعالى: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}؛ أي: إن يكن المشهود عليه غنيًّا ترجونَ وتأملون عَوْدَ منفعةِ غِنَاه عليكم فلا تقومون عليه، أو فقيرًا فلا ترجونه ولا تخافونه، فاللهُ أولى (?) بهما منكم، هو ربهما ومولاهما، وهما عَبْدَاه (?) كما أنكم عَبِيدُه، فلا تُحَابُوا غنيًّا لغِنَاه، ولا تَطمَعُوا في (?) فقيرٍ لفقرِه؛ فإن الله أولى بهما منكم.

وقد يقال: فيه (?) معنى آخر أحسنُ من هذا، وهو أنهم ربما خافوا من القيام بالقسط وأداء الشهادة على الغني والفقير؛ أما الغنيُّ فخوفًا على ماله، وأما الفقيرُ فلإعْدَامِه، وأنه لا شيء له؛ فتتساهلُ النفوسُ في القيام عليه بالحق، فقيل لهم: اللهُ أولى بالغني والفقير منكم، أعلمُ بهذا، وأرحمُ بهذا؛ فلا تتركوا أداءَ الحق والشهادة على غنيٍّ ولا فقير.

ثم قال تعالى: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} نهاهم عن اتباع الهوى الحامل على ترك العدل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015