وعلى أثر وقوع هذا الحادث المؤلم لقلب كل مسلم حصلت بعض التساؤلات عن خروج المهدي في آخر الزمان وهل صح فيه شيء من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوضح بعض العلماء في الإذاعة والصحف صحة كثير من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رئيس إدارات البحوث العلمية والدعوة والإرشاد فقد تحدث في الإذاعة وكتب في بعض الصحف مبينا ثبوت ذلك بالأحاديث المستفيضة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومستنكرا ما قام به هؤلاء المبطلون من الاعتداء في بيت الله الحرام ومنهم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فقد ندد في إحدى خطب الجمعة باعتداء هذه الفئة الآثمة الظالمة وبين أنهم ومن زعموه المهدي في واد والمهدي الذي جاء ذكره في الأحاديث في واد آخر.

وحصل في مقابل ذلك أن أصدر فضيلة الشيخ عبد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية في دولة قطر رسالة سماها (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر) نحا فيها منحى بعض الكتاب في القرن الرابع عشر ممن ليست لهم خبرة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة صحيحه وسقيمه وفيه من تعويله على الشبهات العقلية وكذب بكل ما ورد في المهدي وقال كما قالوا إنها أحاديث خرافة وأنها وأنها ... الخ.

وقد رأيت كتابة هذه السطور مبينا أخطاءه وأوهامه في هذه الرسالة وموضحا أن القول بخروج المهدي في آخر الزمان هو الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة وهو ما عليه العلماء من أهل السنة والأثر في القديم والحديث إلا من شذ.

ومن المناسب أن أشير هنا إلى أنني سبق أن كتبت بحثا بعنوان (عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر) وقد نشر هذا البحث في العدد الثالث من السنة الأولى من مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الصادر في شهر ذي القعدة عام 1388 هـ يشتمل هذا البحث على عشرة أمور:

الأول: في ذكر أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثاني: في ذكر أسماء الأئمة الذين خرجوا الأحاديث والآثار الواردة في المهدي في كتبهم.

الثالث: في ذكر العلماء الذين أفردوا مسألة المهدي بالتأليف.

الرابع: في ذكر العلماء الذين حكوا تواتر أحاديث المهدي وحكاية كلامهم في ذلك.

الخامس: في ذكر بعض ما ورد في الصحيحين من الأحاديث التي لها تعلق بشأن المهدي.

السادس: في ذكر بعض الأحاديث في شأن المهدي الواردة في غير الصحيحين مع الكلام على أسانيد بعضها.

السابع: في ذكر بعض العلماء الذين احتجوا بأحاديث المهدي واعتقدوا موجبها وحكاية كلامهم في ذلك.

الثامن: في ذكر من وقفت عليه ممن حكى عنه إنكار الأحاديث في المهدي أو التردد فيها مع مناقشة كلامه باختصار.

التاسع: في ذكر بعض ما يظن تعارضه مع الأحاديث الواردة في المهدي والجواب عن ذلك.

العاشر: كلمة ختامية في بيان أن التصديق بخروج المهدي في آخر الزمان من الإيمان بالغيب، وأن لا علاقة لعقيدة أهل السنة في المهدي بعقيدة الشيعة.

1- سمى الشيخ ابن محمود رسالته (لا مهدي ينتظر بعد الرسول خير البشر) وقال في ص 14:

"يا معشر العلماء والمتعلمين والناس أجمعين إنه يجب علينا بأن يكون تعليمنا واعتقادنا قائما على أنه لا مهدي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما لا نبي بعده".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015