تأويل آخر لكلام صاحب الحزب، والرد عليه

يبغض الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهو يبغض الكفار فلا يحبهم فحبُّه سبحانه مستلزم للحسنات وبغضه مستلزم للسيئات.

قوله: (الإحسان لا ينفع مع البغض) ليس بسديد

فقوله الإحسان لا ينفع مع البغض ليس بسديد بل الإحسان الذي يستحق أن يسمَّى إحسانًا وهو فعل الواجب والمستحب كما أمر ظاهرًا أو باطنًا لا يكون إلا مع حبه لا مع بغضه.

ومن كان باطنه خلاف ظاهره وقال إن عمله رياء أو إعجاب أو نفاق أو ريب وعدم إيمان فهذا ليس عمله إحسانًا وكذلك من ارتدَّ عن الإسلام فردَّتُه أحبطَتْ عملَه فما بقي محسنًا وكذلك السيئات لا يُحِبها الله والمسيء لا يحبُّ الله إساءَتَه وإذا كان فيه إيمان وفجور فالله يحب إيمانه لا فجوره على مذهب أهل السنة والجماعة الذين لا يقولون بتخليد أهل الكبائر في النار ولا يقولون بأن المعاصي تُحْبِط الإيمانَ كلَّه بل يقولون يُخْرَجُ من النَّار مَن في قَلْبِه مثقالُ ذرةٍ من إيمانٍ كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم يقولون الشخصُ الواحد يجتمع فيه ما يحبه الله من الطاعة وما يبغضه الله من المعصية ويستحقُّ الثوابَ على حسناته والعقاب على سيئاته.

وقد يُعتذر عن صاحب الحزب بأن المراد جَعْل سيئاتنا مغفورةً بما يحبه من التوبة والحسنات لنكون ممن يُحِبّه من التوابين ولا يجعل حسناتنا حابطة بما يبغضه من الكفر والمعاصي.

لكن يقول الطاعن سياقُ كلامه وأوله وآخره يدل على أنه ليس هذا مراده فإن كلامه يقتضي أنه لا ينظر إلى ما تفعله العباد من الطاعات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015