قلنا: قد نقل ابن المنذر عنه كما تقدم عند حكايته الإجماع، ونقله عنه صريحًا هناك، والمثبت مقدم على النافي.

وأبو ثور نفسه نقل الإجماع -كما تقدم- من نقل محمد بن نصر عنه (?).

والجواب:

أَنَّ المرادَ دفعُ احتجاجِ من احتج على أبي ثور -رحمة الله عليه- بقياسِ العتاق على الطلاق، وأبو ثور لم يُسَلِّم أَنَّ الكتاب أو السنة أو القياس يدل على وقوع الطلاق، ولم يُسَلِّم أَنَّ دلالةَ القرآن على تكفيرِ أيمانِ المسلمين ينفي تكفير الطلاق، ولم يُسَلِّم أَنَّ في الطلاق معنًى يوجبُ وقوعَهُ بخلافِ العتق؛ فمن احتج على أبي ثور بقياس العتق على الطلاق وطالبه بالفرق كان مخصومًا معه، فإنه لم يقل: إني رأيت في الطلاق وصفًا يختص به يقتضي الوقوع، ولا قال: رأيت في العتق معنًى ينفي الوقوع يختص به دون الطلاق= حتى يحتج عليه بالقياس، فإنَّ وقوعَ الطلاق ليس هو عنده مقتضى القياس، بل مقتضى القياس وظاهر القرآن ألا يقع وهو مقتضى الدليل عنده، وإنما تركه للمعارض الذي ظنه معارضًا؛ وهو ظنه الإجماع على نفي تكفير الطلاق = فصار هذا عنده موضع استحسان على خلاف الأصل والدليل والقياس، كما يفعل ذلك كثيرٌ من العلماء في مثل ذلك.

وإذا كان أبو ثور لم يفرق إلا لما ظنه من الإجماع ولو علم النزاع لم يفرق= عُلِمَ أَنَّ قولَه في نفس الأمر هو التسوية بينهما لا التفريق؛ كالأقوال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015