به (?)، إذ كان قد التزم لله ما يلزم بالنذر على ذلك التقدير، مثل أَنْ يقول: إِنْ فعلتُ كذا فعليَّ الحجّ أو فما لي صدقة، فإنه هنا ليس قصده أَنْ يحضَّ نفسَهُ على الحج والصدقة على ذلك التقدير، بل قَصْدُهُ أَنْ يجعله واجبًا لله على ذلك التقدير، ولكن لم يقصد إيجابه لله، بل هو كاره لإيجابه ووجوبه، وَعَلَّقَهُ بالفعل الأول ليمنع الأول لامتناعه من التزام هذا الإيجاب، فلما التزم عند الشرط ما يكوه لزومه له كان يمينًا بهذا الاعتبار، فلم يكن هذا المعلَّق يمينًا إلا مع الشرط، ولو تجرد لم يكن يمينًا، بل لم يكن إلا نذرًا محضًا بخلاف النوع الأول، فإنَّ المعلَّق فيه لو انفرد عن الأول لكان يمينًا، فإذا اقترن به صار يمينا معلقة على الحنث في الفعل؛ ولهذا فَرَّقَ الشافعي - رضي الله عنه - بين قوله: لله عليَّ نذر، وبين قوله: إِنْ فعلتُ فلله عليَّ نذر (?).

وهذه المعاني من تدبرها تبين له الفروق الغامضة على كثير من الناس في هذا الموضع الذي اشتبه على كثير من الناس؛ فالناذر الذي يلزمه الوفاء إنما يكون ناذرًا بثلاثة شروط: أَنْ يقصد الالتزام، وَأَنْ يلتزم لله -تعالى- وَإِنْ لم يقل بلسانه لله، وَأَنْ يكون ما التزمه طاعة لله -تعالى-؛ فإذا لم يلتزم طاعةً لله -سبحانه- لم يلزمه سواء كان منهيًا عنه أو مباحًا، وفي لزوم الكفارة نزاع وتفصيل، وإنْ كان طاعة ولم يقصد أَنْ يلتزمه ليتقرب به إلى الله، بل لأجل حَضِّ نفسه أو غيره أو منع نفسه أو غيره منه فهذا حالف (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015