الرحله الشاميه (صفحة 138)

لأحد أبناء مصر، وفيهم الأغنياء المثرون والعقلاء المفكّرون. وقد أخبرني جناب الخواجه خوري بأنّ لأخيه تجارة واسعة في مصر، تصدّر إليه من بيروت. وهي إذا كانت من الإتقان، بالدرجة الّتي شاهدناها، لا جرم كانت قمنة بأن تحرز ثقة المصريين وتروج في أسواقهم رواجاً عظيماً. ولمّا أن قضينا مأربنا من رؤية ما في المعمل واطّلعنا على جميع أدواته، وتعهدنا دوائره ومصنوعاته، شكرنا للرئيس همّته ونشاطه وشجّعناه. وحينئذ دقّ الجرس، فوقفت حركة العمل في كلّ جهة من جهات المعمل، وجاء العمال عن

صيدا

بكرة أبيهم وأحاطوا بنا إحاطة الثوب بالبدن، وكان يبلغ عددهم 300 نفس تقريباً. ثمّ تقدّم نحوي أصغرهم وقدم باقة زهر، وجاء آخر وأخذ يهتف لنا بالدعاء بعد الترحيب والثناء. وعلى أثر ذلك قدّم لنا الشاي والحلوى فتناولنا منهما ما وافقنا، ثمّ خرجنا. وكان ينتظرنا في غضون الطريق مصوّرون معهم آلة التصوير (الفوتوغراف) فأخذوا رسمنا حال مرورنا. ثمّ توجّهنا إلى الفندق، لنتهيأ من هناك للذهاب إلى مدينة صيدا حيث كنّا دعينا لتناول الغداء فيها من قبل صاحب السعادة نسيم بك جنبلاط، أحد أمراء الدروز وعظمائهم.

صيدا

مدينة صيدا الحالية وهي سيدوم القديمة قائمة على هضبة وهي من هذا تشبه جميع المدن الفينيقية. ثمّ هي محاطة بحدائق غنّاء تمتدّ على طول الشاطئ، خصوصاً في الجهة الشمالية. وأكثر ما فيها من الأغراس أشجار البرتقال والليمون والخوخ واللوز والموز والنخيل، ولكن يقال أنّ هذا الأخير أقلّ من غيره. أمّا عدد سكان المدينة فيقال إنّه يبلغ نحو 11 ألف وخمس مائة نسمة، منهم 8 آلاف مسلمون و2500 من اللاتين و800 من اليهود و200 من المذهب البروتستانتي. وهي مركز قضاء باسمها، وفيها أسقفان للروم الأرتذكس، وأسقف للمارونيين. وفيها مدارس إسلامية، بعضها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015