بن سعيد وكان كاتبيه ومخرِّجَيْه، وكان كثير الحديث جم السماع، مكرمًا لأهل العلم، مطعمًا لأهل الحديث، استجلب الدَّارقُطْنِي من بَغْدَاد وبر إليه، وخرج له المسند، وقد أعطى الدَّارقُطْنِي مالًا كثيرًا، وأنفق عليه نفقة واسعة، ولم يزل في أيّام عمره يصنع شيئًا من المعروف عظيمًا، وينفق نفقات كثيرة على أهل الحرمين من أصناف الأشراف وغيرهم. وقال أبو إسحاق الحبال: لما قصد هؤلاء -يعني العبيديين- مصر، ونزلوا قريبًا منها لم يبق أحد من الدولة العباسية إِلَّا خرج للاستقبال والخدمة غير الوزير أبي الفضل بن خنزابة؛ فإنّه لم يخرج، فلما كان من اللَّيلة الّتي صبيحتها الدخول اجتمع إليه مشايخ البلد، وعاتبوه على فعله، وقيل له: إنك تغري بدماء أهل السُّنَّة، ويجعلون تأخرك عنهم سببًا للانتقام. قال: الآن أخرج. فخرج للسلام، وكان يعمل له الكاغد بسمرقند ويحمل إليه إلى مصر في كلّ سَنَة، وكان في خزانته عدة من الورَّاقين. وقال المسبحي: كان - رحمه الله - من الفضل والعلّم والدين والتصرف في سائر العلّوم بمنزلة من لم يشاهد مثلها، وحدَّث وأسمع وأملى عدة مجالس، وعمل مستخرجًا على "صحيحي البخاريّ ومسلم" وكان كثير البرّ والصِّلات لآل رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - كثير الصَّدقة، شديد المغيرة على حرمه مبالغًا في الحجاب لهم. وقال الرشيد العطار: كان هو من أجلاء المحدثين، والحفاظ المسندين، كثير الرِّواية, مع المعرفة والدراية، وله أمالي كثيرة الفوائد، أملاها بمصر، وذكر الحافظ أبو القاسم الحضرمي أنّ حمزة الكناني، والدارقطني رويا عنه قبل أنّ يموت بنحو من ثلاثين سنة.

وقال ابن خلكان: كان عالمًا محبًّا للعلّماء وله تواليف في أسماء الرجال والأَنْسَاب وغير ذلك. وقال الذَّهَبِي: الإمام الحافظ الثقة الوزير الأكمل، ويعسر وقوع حديثه لنا فإنّه حال أوان الرِّواية كان علمه كاسدًا بمصر لمكان الدولة الإسماعيلية، وقيل: هو الّذي كاتبهم وجسَّرهم على المجيء لأخذ مصر، ثمّ ندم. وقال أيضًا: الحافظ المفيد الإمام.

ولد في ذي الحجة لثمان ليالٍ خلون من سَنَة ثمان وثلاثمائة، ومات يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل سَنَة إحدى وتسعين وثلاثمائة. وقيل: في الثّالث عشر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015