العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه بخلاف غيرهما، فلا يعمل به حتى ينظر فيه، ويوجد فيه شروط الصحيح، يعني لا نعمل عند غيرهما إلا بعد أن نتأكد من صحته، وخلاصة كلام النووي أن العمل بالصحيح سواء كان في الصحيحين، أو في غيرهما واجب على الأمة.

غاية ما في الأمر أنني إذا وجد الحديث في الصحيحين لا أحتاج إلى دراسة بعد ذلك، أما إذا كان في غير الصحيحين علي أن أتأكد من صحته، فإذا صح وجب العمل به، وهذا كلام النووي: "ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيها إجماعهم على القطع بأنه كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى آخره.

إنما هو يقصد يجب العمل؛ لأن الأمة يجب العمل عليها بما غلب على ظنها، بل إن كثيرا من الأحكام كتوضيح لهذه المسألة حتى أفرغ منها، الأحكام الشرعية كلها تقوم على أخبار الآحاد: الدماء، الحدود تقوم على أخبار الآحاد، يعني: الأمة يغلب على ظنها، إذن يجب العمل عليها.

وأنا هنا أرسخ القضية، وأؤكدها أنه لا تلازم بين ما نناقشه من القطع بنسبة حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ووجوب العمل، وجوب العمل أمر مفروغ منه ومجمع عليه، إذا قيل إن فلانًا قتل فلان، وجيء بشاهدين عدلين اقتنع القاضي بعدالتهما، سيحكم على القاتل، إما بالقصاص أو بالدية بناء على رأي أولياء الدم، والمهم أن الدعوة هنا ثبتت بشاهدين والشاهدين خبر آحاد، بل إن أكثر الأعداد خبر آحاد أيضا، وهو حد الزنا الذي تحوط فيه الشرع، فلم يثبته إلا بأربعة شهود، الأربعة شهود حد الزنا إذن الدماء تراق، الأعراض رجل يرجم حتى الموت، أو امرأة بخبر آحاد، نقتص من رجل قيل عنه: إنه قتل بخبر آحاد، نثبت دعاوى الأموال يعني لو أن فلانا ادعى على فلان أن عليه مالا له مثلا أيًا كان الرقم، وأتى بشاهدين وهذان الشاهدان عدلان، واقتنع القاضي بعدالتهما سيحكم في الأعم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015