وكون الأرض دار كفر أو دار إيمان، أو دار فسق، ليست صفة لازمة، بل هي صفة عارضة بحسب حال سكانها، والحكم يدور مع علته.

وأما الحديث الثاني: فالمراد به غير ما فهم هذا في الأصل، وهو: أن التوحيد شرط لجميع الأعمال، الصلاة وغيرها، وهذا الشرط هو الذي تفهمه العرب من لسانها، ولذلك لما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا: لا إله إلا الله"، قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} [سورة ص آية: 5] ، وقال عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [سورة الصافات آية: 35-36] . وأما مشركو هذا الزمان، فإنهم وإن نطقوا بها، وصلّوا وزكّوا، لا يفهمون منها ما فهمته العرب، من أن معناها: خلع الأنداد، وإفراد الله سبحانه بالعبادة وحده لا شريك له; بل يخالفون معناها، فيصرفون التأله لغير الله تعالى، ويعتقدون ذلك قربة إلى الله، فيصرفون خالص حق الله الذي دلت عليه هذه الكلمة لغيره تعالى، بل أكبهم الجهل إلى الشرك في الربوبية، فلا تنفعهم "لا إله إلا الله" مع ذلك وإن قالوها، لأن الشرك محبط للعمل، كما قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [سورة الزمر آية: 65] ، وغير ذلك من الآيات الدالة على حبوط عمل المشرك.

ومشركو العرب، إنما كان شركهم في الإلهية، فلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015