فجمعت بنو عامر لبني نهد جميعاً فقالت هند لغلام يتيم فقير من بني عامر: لك خمس عشرة ناقة فتنذرهم قبل أن يأتيهم بنو عامر.

فقال: أفعل: فحملته على ناقة لزوجها ناجية وزودته تمراً ووطباً من لبن، فركب وجد في السير ففنى اللبن، فأتاهم والحي خلوف من غزو دميرة، لنزل بهم وقد يبس لسانه، فلما كلموه ولم يقدر أن يجيبهم وأومأ على لسانه، فأمر خراش بن عبد الله بلبن وسمن فاستحسى وساقه إياه، فابتل لسانه وتكلم وقال لهم: أتيتكم وأنا رسول هند إليكم تنذركم.

فاجتمع بنو نهد واستعدت ووافتهم بنو عامر لحوقهم على الخيل فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزمت بنو عامر فقال عبد الله بن عجلان في ذلك:

أعاود عيني نصبها وغرورها ... أهم عناها أم قذاها يعورها

أم الدار أمست قد تعفت كأنها ... زبور يمان رقشته سطورها

ذكرت بها هنداً وأترابها الأولى ... بها يكذب الواشي ويعصي أميرها

فما معول تبكي لفقد أليفها ... إذا ذكرته لا يكف زفيرها

بأغزر مني عبرة إذ رأيتها ... يحث بها قبل الصباح بعيرها

ألم يأت هنداً كيفما صنع قومها ... بنو عامر إذ جاء يسعى نذيرها

فقالوا لنا إنا نحب لقاءكم ... بصم القنا اللائي الدمار ثميرها

فلا غرو أن الخيل تخبط في القنا ... تمطر من تحت العوالي ذكورها

وأربابها صرعي ببرقة أخرم ... يجررهم ضبعانها ونسورها

فأبلغ أبا الحجاج عني رسالة ... مغلغلة لا يفلتنك بسورها

فأنت منعت السلم يوم لقيتنا ... بكفيك تسدي غبة وتثيرها

فذوقوا على ما كان من فرط إحنة ... حلائبنا إذ غاب عنا نصيرها

فلما اشتد ما بعبد الله بن العجلان من السقم خرج سراً من أبيه مخاطراً بنفسه حتى أتى أرض بني عامر لا يرهب ما بينهم من الشر والثارات حتى نزل ببني نمير وقصد خباء هند، فلما قارب دارها وهي جالسة على حوض وزوجها يسقي إبلاً له وتعارفا شد كل منهما على صاحبه ودنا منه حتى اعتنقا وسقطا إلى الأرض فجاء زوجها فوجدهما ميتين.

وقيل: إنه أراد المضي إلى بلادهم فمنعه أبوه وخوفه الثارات وقال: نجتمع معهم في الشهر الحرام بعكاظ أو بمكة، ولم يزل يدافعه بذلك حتى جاء الوقت فحج وحج أبوه معه فنظر إلى زوج هند وهو يطوف بالبيت واثر كفها في ثوبه بخلوق فرجع إلى أبيه في منزله وأخبره بما رأى، ثم سقط على وجهه فمات وقيل: إنه خرج في الجاهلية فقال:

ألا إن هنداً أصبحت منك محرماً ... وأصبحت من أدنى حموتها حما

وأصبحت كالمغمود جفن سلاحه ... يقلب بالكفين قوساً وأسهما

ثم مد بها صوته فمات والقول الأول على هذا أصح، وله أشعار كثيرة فيها منها قوله:

ألا بلغا هنداً سلامي فإن نأت ... فقلبي مذ شطت بها الدار مدنف

ولم أر هنداً بعد موقف ساعة ... بأنعم في أهل الديار تطوف

أتت بين أتراب تمايس إذ مشت ... دبيب القطا أو هن منهن أقطف

يباكرن مرات جلياً وتارة ... زكياً وبالأيدي مذاب ومسوف

أشارت إلينا من خظاة ذراعها ... سراة الضحى مني على الحي موقف

وقالت تباعد يا ابن عمي فإنني ... منيت بذي صول يغار ويعنف

وقال أيضاً:

خليلي زورا قبل شط النوى هنداً ... ولا تأمنا من دار ذي لطف بعدا

ولا تعجلا لم يدر صاحب حاجة ... أغياً يلاقي في التعجل أم رشدا

ومرا عليها بارك الله فيكما ... وإن لم تكن هند لوجهكما قصدا

وقولا لها ليس الضلال أجازنا ... ولكننا جزنا لنلقاكم عمدا

هيلانة لويزا أليصابات

قرينة فردينند وابنة البرنس فريدريك لويس دومكلبرغ شورين ولدت في لددغسلت 24 كانون الثاني (يناير) سنة 1814م، وتوفيت في ريتشمند من إنكلترا في 18 أيا مايو سنة 1858م. كانت ذات أخلاق خسنة وذوق سليم مهذبة لطيفة بروستانتية اعتنت بعد وفاة زوجها بتهذيب وليدها "لويس فليب ألبرت" كونت باريس "ووروير فيليب لويس أوجين" و"زينند" دوق "شرتر"، ولما تنحى "لويس فيليب" عن تخت الملك في 24 شباط سنة 1848م وجعل مكانه حفيده كونت باريس قرر نظاماً لوكالة الملك حرمت بموجبه حقها في الوكالة.

ولما عرض النظام المذكور على مجلس الأمة سارت بولديها إلى مجلس النواب محفوفة بمخاطر جسيمة، وكان مجلس النواب قد عزم على تعيينها وكيلة إلا أن الناس اجتمعوا إليه ونادوا بالجمهورية، فقرت بولديها وصهرها دوق "وتيموز" إلى أوتيل "ريزانقاليد"، ثم هربت بهم من هناك إلى بلجيكا وأقامت في "ايسناخ" عند خالها "غراندوق ويمار"، ولما خاب أملها بنجاح "نابليون الثالث" من تولية ابنها تخت فرنسا أخذ اليأس منها كل مأخذ واعتلت صحتها وذهبت إلى انكلترا لزيارة عائلة زوجها، وتوفيت هناك.

هيلانة أم قسطنطين المظفر

وزوجة قسطس صاحب شرطة "دقليطانوس" وهو آخر من عبد الصنم من ملوك الروم، وقسطنطين هو الذي انتقل من رومية إلى بيزنطية فعمر سورها وسماها قسطنطينية وجمع الأساقفة، ووضع شرائع النصرانية وسارت أم هيلانة، وأخرجت من بيت المقدس خشبة الصليب وبنت عدة كنائس منها قمامة وكنيسة حمص وكنيسة الرها.

والحاصل أن هذه الملكة كانت أنموذج دهرها، وفاكهة عصرها. مهدت الملك لولدها، ثم ملكت أولاده الثلاثة بعده. وكانت هيلانة من أهل قرى مدينة الرها قد تنصرت على أيدي أسقف الرها، وتعلمت الكتب، فلما مر بقريتها قسطس رآها فأعجبته فتزوج بها وحملها إلى بيزطية مدينته فولدت فه قسطنطين وكان جميلاً، فأنذر "دقليطانوس" منجموه بأن هذا الغلام -قسطنطين- سيملك الروم وييدل دينهم فأراد قتله ففر منه إلى مدينة الرها، وتعلم بها الحكم اليونانية حتى مات "دقطيانوس" فعاد إلى بزنطية فسلمها إليه أبوه قسطس ومات، فقام بأمرها بعد أبيه.

هيئة بنت اوس بن حارثة بن لام الطائي

حليلة الحارث بن عون بن أبي حارثة. كان سيداً من سادات العرب خطبها من أبيها، فأجابه بعد امتناع وكان عنده ثلاث بنات فدخل على زوجته فقال لها: ادعي لي فلانة أكبر بناته. فأتت فقال لها: أي بنية هذا الحارث بن عون سيد من سادات العرب جاءني خاطباً، وقد أردت أن أزوجك منه فما تقولين؟ قالت: لا تفعل. قال: ولم؟ قالت: لا، في خلقي رداءة، وفي لساني حدة ولست بابنة عمه فيراعي رحمي، ولا هو بجار لك في البلد فيستحي منك، ولا آمن أن يرى مني ما يكره فيطلقني فيكون علي بذلك سبة.

قال لها: قومي بارك الله فيك. ثم دعا ابنته الأخرى فقال لها مثل قوله لأختها فأجابته مثل جوابها. فقال لها: قومي بارك الله فيك.

ثم دعا بالثالثة وكانت أصغرهن سناً فقال مثل ما قال لأختيها. فقالت: أنت وذلك. فقال لها: إني عرضت ذلك على أختيك فأبياه ولم يذكر لها مقالتهما فقالت له: والله أنا الجميلة وجهاً، الرقيقة خلقاً، الحسنة رأياً فإن طلقني فلا أخلف الله عليه. فقال لها: بارك الله فيك، ثم خرج إليه فقال: زوجتك يا حارث بابنتي هنيئة. قال: قبلت نكاحها. وأمر أمها أن تهيئها له، وتصلح شأنها.

ثم أمر ببيت فضربه له وأنزله إياه ثم بعثها إليه، فلما دخلت عليه ودنا منها، قالت: أعند أبي وإخوتي هذا والله لا يكون، ثم أمر بالرحيل فرحل بها، فلما كان بالطريق قرب منها فقالت: أتفعل بي كما يفعل بالأمة السبية الأخيذة لا والله حتى تنحر الجزر وتفخر وتدعو العرب، وتعمل ما يعمل مثلك لمثلي قال: صدقت والله إني لأرى همة وعقلاً.

فلما ورد إلى بلاده أحضر الإبل والغنم ونحر وأولم ثم دخل عليها يريدها فقال لها: قد أحضرت من المال ما تريدين. قالت: والله لقد ذكرت من الشرف بما ليس فيك. قال: ولم ذاك؟ قالت: أتستفرغ لنكاح النساء والعرب يقتل بعضها بعضاً، وكان ذلك في أيام حرب قيس وذبيان قال: فماذا تقولين؟ قالت: اخرج إلى القوم فاصلح بينهم ثم ارجع إلى أهلك فلن يفوتك ما تريد. فقال: والله إني لأرى عقلاً ورأياً سديداً.

قال ابن سنان: فخرج إلينا لاحارث، فقال: اخرج بنا عبد أن أخبرنا بواقعة الحال فخرجنا حتى أتينا القوم فمشينا بينهم بالصلح فأصطلحوا على أن يحسبوا القتلى.

ثم تؤخذ الديت، فحملنا عنهم الديات فكانت ثلاثة آلاف بعير فانصرفنا بأجمل ذكر، ثم دخل عليها.

فقالت له: أما الآن فنعم، فأقامت معه في ألذ عيش وأطيبه، وولدت له بنين وبنات. هكذا فلتكن النساء، فقد أصلحت بين قبيلتين عجز عن إصلاحهما فحول الرجال.

هيلانة بنت ملك إسبارتا

هي على ما ذكر "أوميروس" الشاعر اليوناني بنت بعض ملوك "إسبارتا" كانت أشهر نساء عصرها حسناً وأكثرهن رقة وظرفاً فزوجها أبوها "بميلاس" ملك "لاكونيا" و"مسينيا" فأتي إسبارتا عقب ذلك "باريس بن بريام" ملك "تروادة".

وكان ذلك في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، فأكرن "منيلاس" وفادته، وأنزله في بلاطه فما كان من باريس إلا أن استهوى هيلانة وفر هارباً بها عبد أن سلب قسماً من مال بعلها فكان ذلك سبب حرب "تروادة" الشهيرة التي دامت فيما قيل عشر سنين وانتهت بخراب تروادة وقتل باريس.

هيفاء بنت صبيح القضاعية

كانت فصيحة اللسان ثبتة الجنان لها معرفة بالشعر وعروضه وتزوجت نوفل بن سمير بن عمر التغلبي، ومكثت عنده حتى قتل في بعض الغزوات وقد شقت عليه الجيوب وخمشت الخدود ورثته بجملة أبيات وقصائد منها:

أبكي وأبكي بأسفار وأظلام ... على فتى تغلبي الأصل ضرغام

لهفي عليه وما لهفي بنافعه ... إلا تكافح فرسان وأقوام

قل للحجيب لحاك الله من رجل ... حملت عار جميع الناس من سام

أيقتل ابنك بعلي يا ابن فاطمة ... ويشرب الماء ذا أضغات أحرم

والله لا زلت أبكيه وأندبه ... حتى تزوك أخوالي وأعمامي

بكل أسمر لدن الكعب معتدل ... وكل أبيض صافي الحد ققام

وقالت أيضاً في أبيها:

لم يبد فحشاً ولم يهدد لمعظمه ... ولك مكرمة تلقي يساميها

والمستشار لأمر القوم يحزبهم ... إذا الهنات أهم القوم وما فيها

لا يرهب الجار منه غدوة أبداً وإن ألمت أمور فهو كافيها

حرف الواو

وجيهة بنت أوس الضبية

كانت من النساء المشهورات بالأدب الموصوفات بحفظ أشعار العرب، ذات جمال بارع ومنطق عذب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015