لِأَنَّ الِاسْتِشْهَادَ بِاَللَّهِ مُهْلِكٌ كَالْحَدِّ بَلْ أَشَدُّ. (وَشَرْطُهُ قِيَامُ الزَّوْجِيَّةِ وَكَوْنُ النِّكَاحِ صَحِيحًا) لَا فَاسِدًا،.

(وَسَبَبُهُ قَذْفُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ) خُصَّتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَقْذُوفَةُ فَتَتِمُّ لَهَا شُرُوطُ الْإِحْصَانِ. وَرُكْنُهُ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِالْيَمِينِ وَاللَّعْنِ. .

(وَحُكْمُهُ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بَعْدَ التَّلَاعُنِ وَلَوْ قَبْلَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا) لِحَدِيثِ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» .

(وَأَهْلُهُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ) عَلَى الْمُسْلِمِ -.

ـــــــــــــــــــــــــــــQبَيَانٌ لِوَجْهِ قِيَامِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَقَامَ الْحَدَّيْنِ (قَوْلُهُ: مُهْلِكٌ) أَيْ إذَا كَانَ كَاذِبًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ ح (قَوْلُهُ: بَلْ أَشَدُّ) لِأَنَّ إهْلَاكَ الْحَدِّ دُنْيَوِيٌّ وَإِهْلَاكَ التَّجَرُّؤِ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أُخْرَوِيٌّ - {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ} [طه: 127]- (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ قِيَامُ الزَّوْجِيَّةِ) فَلَا لِعَانَ بِقَذْفِ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا، أَوْ الْمُبَانَةِ وَلَوْ بِوَاحِدَةٍ، بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيَّةً، وَلَا بِقَذْفِ زَوْجَتِهِ الْمَيِّتَةِ.

وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا: الْحُرِّيَّةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ وَالنُّطْقُ وَعَدَمُ الْحَدِّ فِي قَذْفٍ، وَهَذِهِ شُرُوطٌ رَاجِعَةٌ إلَيْهِمَا. وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاذِفِ خَاصَّةً: عَدَمُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِدْقِهِ، وَفِي الْمَقْذُوفِ خَاصَّةً إنْكَارُهَا وُجُودَ الزِّنَا مِنْهَا، وَعِفَّتُهَا عَنْهُ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُ الْقَذْفِ بِصَرِيحِ الزِّنَا، وَكَوْنُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَنَفْيُ الْوَلَدِ بِمَنْزِلَةِ صَرِيحِ الزِّنَا، وَيَأْتِي أَكْثَرُ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي غُضُونِ كَلَامِهِ.

(قَوْلُهُ: يُوجِبُ الْحَدَّ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ مُحْصَنَةً (قَوْلُهُ: خُصَّتْ بِذَلِكَ) أَيْ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا مُحْصَنَةً.

وَحَاصِلُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الْمَقْذُوفَةُ دُونَهُ، فَاخْتُصَّتْ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا بَعْدَ اشْتِرَاطِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَقْذُوفًا وَهُوَ شَاهِدٌ، فَاشْتُرِطَتْ أَهْلِيَّتُهُ لِلشَّهَادَةِ دُونَ كَوْنِهِ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهُ. اهـ. وَفِيهِ رَدٌّ لِمَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ كَوْنَهُ مُحْصَنًا شَرْطٌ أَيْضًا فِي اللِّعَانِ، وَقَدْ خَطَّأَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَتَتِمُّ لَهَا شُرُوطُ الْإِحْصَانِ) الْفَاءُ فَصِيحَةٌ: أَيْ فَإِذَا كَانَتْ هِيَ الْمَقْذُوفَةَ دُونَهُ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتِمَّ لَهَا شُرُوطُ الْإِحْصَانِ الْخَمْسَةُ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ عَفِيفَةً عَنْ الزِّنَا، عَاقِلَةً بَالِغَةً، حُرَّةً مُسْلِمَةً (قَوْلُهُ: وَرُكْنُهُ) يُغْنِي عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ فِي تَعْرِيفِهِ ط.

(قَوْلُهُ: وَالِاسْتِمْتَاعُ) أَيْ بِالدَّوَاعِي، وَمِنْ حُكْمِهِ وُجُوبُ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا وَوُقُوعُ الْبَائِنِ بِهَذَا التَّفْرِيقِ بَحْرٌ ط (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّلَاعُنِ) أَيْ مَا دَامَ حُكْمُهُ بَاقِيًا، فَلَوْ خَرَجَا، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا كَمَا يَأْتِي، وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ. وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ أَبَدًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف: 20]- أَيْ مَا دُمْتُمْ فِي مِلَّتِهِمْ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ مَبْسُوطٌ فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ) أَيْ لِأَدَائِهَا عَلَى الْمُسْلِمِ لَا لِتَحَمُّلِهَا، فَلَا لِعَانَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ وَإِنْ قُبِلَتْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ عِنْدَنَا، وَلَا بَيْنَ مَمْلُوكَيْنِ، وَلَا مَنْ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ، أَوْ كَافِرٌ، وَصَحَّ بَيْنَ الْأَعْمَيَيْنِ وَالْفَاسِقَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَهْلٌ لِلْأَدَاءِ، إلَّا أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلْفِسْقِ وَلِعَدَمِ قُدْرَةِ الْأَعْمَى عَلَى التَّمْيِيزِ، وَقَدْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فِيمَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ كَالْمَوْتِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، لَكِنْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى قُلْت: الْأَصْلُ عَدَمُ الْقَبُولِ كَمَا سَيَجِيءُ، نَعَمْ عَمَّمَ الْقُهُسْتَانِيُّ الْأَهْلِيَّةَ وَلَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي لِنُفُوذِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِمَا اهـ أَيْ الْمُرَادُ النُّفُوذُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي فِعْلُهُ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ. قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا: وَأَمَّا الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ فَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ أَصْلًا، نَعَمْ لَوْ قُضِيَ بِهَا يَنْفُذُ، لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَوَازِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ وَرَاءَ النَّفَاذِ اهـ.

قُلْت: وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْفَاسِقُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِنَفْيِ الْجَوَازِ نَفْيُ الصِّحَّةِ وَبِالنَّفَاذِ نَفَاذُ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهَا مِمَّنْ يَرَاهَا كَشَافِعِيٍّ. وَالْفَاسِقُ يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ، وَكَذَا الْأَعْمَى عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا فِيمَا يَثْبُتُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015