كذلك القلب يصدأ بالذنوب ويجرَب، ويصير مُثخَنًا بالمرض، فإذا احتاج إلى محاربة العدو به (?) لم يجد معه (?) شيئًا. والعبد إنّما يحارب ويصاول (?) ويُقدِم بقلبه، والجوارح تَبَعٌ للقلب، فإذا لم يكن عند ملِكها قوة يدفع بها، فما الظنّ بها!

وكذلك النفس، فإنّها تتخنّث بالشهوات والمعاصي، وتضعف، أعني النفس المطمئنة، وإن كانت الأمّارة تقوى وتتأسّد. وكلّما قويت هذه ضعفت تلك، فيبقى الحكم والتصرّف للأمّارة. وربما ماتت نفسه المطمئنّة موتًا لا يرجى معه حياة، فهذا ميّت في الدنيا، ميّت في البرزخ، غير حيّ في الآخرة حياةً ينتفع بها، بل حياتُه حياةٌ يدرك بها الألم فقط.

والمقصود أنّ العبد إذا وقع في شدّة أو كربة أو بلية خانه قلبُه ولسانُه وجوارحُه عمّا هو أنفع شيء له (?)، فلا ينجذب قلبه للتوكّل على الله، والإنابة إليه، والجمعيّة عليه، والتضرّع والتذلّل والانكسار بين يديه.

ولا يطاوعه لسانه لذكره، وإن ذكره بلسانه لم يجمع بين قلبه ولسانه، فينحبسَ القلب على اللسان بحيث يؤثّر (?) الذكر، ولا ينحبسُ القلب واللسان (?) على المذكور، بل إن ذكَرَ أو دعا ذكَرَ بقلب لاهٍ ساهٍ غافل.

ولو أراد من جوارحه أن تعينه بطاعة تدفع عنه لم تنقَدْ له، ولم تطاوعه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015