وَاسْتَعَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غُزَاةِ حُنَيْنٍ سَنَةَ ثَمَانٍ بِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ مُشْرِكٌ» فَالرَّدُّ الْأَوَّلُ إنْ كَانَ لِأَنَّ لَهُ الْخِيَارُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمُسْلِمٍ أَوْ يَرُدَّهُ كَمَا يَكُونُ لَهُ رَدُّ الْمُسْلِمِ مِنْ مَعْنَى يَخَافُهُ مِنْهُ أَوْ لِشِدَّةٍ بِهِ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ مُخَالِفًا لِلْآخَرِ وَإِنْ كَانَ رَدَّهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ فَقَدْ نَسَخَهُ مَا بَعْدَهُ مِنْ اسْتِعَانَتِهِ بِمُشْرِكِينَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَعَانَ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ إذَا خَرَجُوا طَوْعًا وَيُرْضَخُ لَهُمْ وَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ" (?)

ج-الترجيح:-

والذي يظهر لي بعد عرض هذه المسألة هو أن الأقوال فيها متقاربة؛ لأنّ الذين أجازوا الاستعانة بغير المسلمين إنما أجازوا ذلك للحاجة والضرورة، أما من غير الحاجة فلا يجوز، والذين منعوا من الاستعانة فقد أجازوها عند الضرورة فمحصّل الرأيين واحد، ولكن بالنظر إلى الأدلة وما بينها من تعارض في الظاهر فإن طريقة الجمع التي تظهر لي - والله أعلم - هي أن الاستعانة كانت ممنوعة ثم رُخّص فيها للحاجة، كما نصّ على ذلك الشافعي، ورجّحه ابن حجر - رحمهما الله -،وسبب هذا الترجيح ما يأتي:

1 - كثرة واستفاضة الأخبار أن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) استعان بأقوام من المشركين كما نقل ذلك أصحاب السير والمغازي، وأن جميع ذلك كان بعد غزوة بدر التي قال فيها النبي (- صلى الله عليه وسلم -):"لَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ "

2 - ما في الاستعانة بالمشركين على المشركين من المصلحة، فمنها: لِأَنَّ عينه الخزاعي كَانَ كَافِرًا إِذْ ذَاكَ، وَفِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى اخْتِلَاطِهِ بِالْعَدُوِّ وَأَخْذِهِ أَخْبَارَهُمْ. (?)

ومنها: أن فيه نكاية بالعدو أكثر حيث يقاتلهم من هو كافر مثلهم، ولكنه مع المسلمين.

3 - أن القول بجواز الاستعانة بالكفار عند الحاجة فيه توسيع على المسلمين في هذا الزمان، نظراً لما أصيب به المسلمون من ضعف، فقد يحتاجون - على سبيل المثال - إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015