الحيل (صفحة 5)

مثل حديث " إنما الأعمال بالنيات " وحديث " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار".

ثانيهما: حديث الآحاد أو خبر الواحد، وهو الذي يرويه واحد أو اثنان من أول السند إلى منتهاه، فرواته لا يبلغون حد التواتر في الطبقات الثلاث، أعني طبقة الصحابة وطبقة التابعين وطبقة تابعي التابعين وإن بلغوا حد التواتر فيما بعد، لأن السنة قد دونت بعد عصر تابعي التابعين وأصبحت الأخبار معلومة بهذا التدوين.

وغالب الأحاديث الواردة من هذا الباب، وزاد الحنفية ضرباً ثالثاً وهو المشهور وهو فوق خبر الآحاد ودون المتواتر وهو الذي لم يبلغ رواته عن الرسول صلى الله عليه وسلم حد التواتر ولكنهم يبلغونه فيما بعد فإذا روى الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحد أو اثنان من الصحابة ثم رواه عنهم جمع من التابعين يمتنع اتفاقهم على الكذب وهكذا حتى نهاية السند في عصر التدوين، فهذا الحديث يسمى مشهورا عند الحنفية والمعول عليه في الشهرة هو الطبقة الثانية أو الثالثة من الرواة أي التابعون أو تابعوا التابعين.

وليس المقام مقام التفصيل في كل من الأنواع المتقدمة وشروط العمل بها ومدى حجتها فمكانه في مظانه أن علمي الحديث والأصول ولكنه الإجمال وبيان العناية التي أولتها هذه الأمة الإسلامية هذه السنة المطهرة حيث حفظوها وكتبوها ورواها كل عن الآخر حتى جاء بعضها متواتراً باللفظ والمعنى أو بالمعنى فقط متصلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من خصائص ومزايا وكمال هذه الشريعة وحدها فنقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال خصَّ الله به المسلمين دون سائر الملل1.

ثالثها: وأما الإجماع لغةً فهو الاتفاق والعزم وفي اصطلاح الأصوليين: اتفاق مجتهدي العصر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بعد وفاته على أمر من أمور الدين.

فقد انقطع التشريع والوحي بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم واتسعت رقعة الدولة الإسلامية وجدت حوادث ونوازل لم تكن من قبل أملتها الظروف التي نحياها والاتصالات بالأمم الأخرى وما هم عليه من عادات وتقاليد فاقتضى ذلك أن يجتهد الصحابة فمن بعدهم في تلك الوقائع فإن اتفقوا على أمر منها عدَّ ذلك إجماعاً وإن اختلفوا فذلك هو غالب الأحكام ولكل مجتهد نصيب2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015