وأما الكلام الذي هو اللفظ، فاتفقوا على أنه مخلوق، وعلى أنه غير قائم بذاته سبحانه. باستثناء أحمد بن حنبل وبعض أتباعه، فقد ذهبوا إلى أن هذه الحروف والأصوات أيضا قديمة بذاتها، وإنها هي المعنى بصفة الكلام.

ثم قال: ولا تدخل- بعد أن عرفت نقطة الوفاق والخلاف- في شيء من المناقشة والجدال اللذين قاما حول هذا البحث، لاعتقادنا بأن الخطب أيسر من ذلك، وإن كنا نعتقد ما ذهب إليه الجمهور من أن المعنى الذي هو مدلول العبارات اسمه الكلام النفي، وأنه صفة زائدة على كل من صفتي العلم والإرادة ... إلى أن قال: ومعظم ما تسمعه من الأصداء الرهيبة للخلاف التاريخي في هذه المسألة، إنما منشؤه الخلاف بين أحمد بن حنبل رضي الله عنه والفرق الأخرى كالجهمية والمعتزلة.

هذا كلام البوطي المعاصر فهو يقرر أن هذا القرآن بين أيدينا مخلوق، وأنه لا فرق بين- جمهور أهل السنة- والمقصود بهم الأشاعرة- وبين المعتزلة في ذلك. ثم إنه يقلل من المحنة التي ثبت فيها الإمام أحمد بن حنبل وأظهر الله الحق على يديه بعد أن تعرض للضرب والحبس والإهانة في هذه المسألة- فيقول بهذا الكلام الساخر: ومعظم ما تسمعه من الأصداء الرهيبة للخلاف التاريخي في هذه المسألة إنما منشؤه الخلاف بين أحمد بن حنبل ... الخ ولم يقل حتى- الإمام.

هكذا يرى أن هذا الخلاف لا قيمة له، ما دام الأشاعرة والمعتزلة متفقون على أن القرآن مخلوق.

ونحن نوضح هذا للشباب الذي يتمسك بمنهج السلف الصالح، ليكون على بينة من أن الأفكار القديمة التي فرقت كلمة الأمة الإسلامية وحاربها علماء الأمة دفاعا عن الدين والعقيدة السليمة لازالت سارية يعتنقها الكثيرون ويروجون لها ويطعنون ويهونون من تضحيات أولئك الذين وقفوا ضد محنة القول بخلق القرآن، وقد قتل فيها من قتل، وسجن من سجن، وضرب من ضرب كالإمام أحمد بن حنبل الذي أيد الله أهل السنة والجماعة بثباته في تلك المحنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015