الباب الأول البعد الديني للتحيز البريطاني الأمريكي لإسرائيل

الباب الأول

البعد الديني للتحيز البريطاني الأمريكي لإسرائيل

تمهيد

على غزارة ما كتب عن القضية الفلسطينية خلال القرن الحالي، فإن هناك صعوبة كبيرة في الكتابة عن بعض جوانبها، وبالذات الجوانب التي تتعلق بأسباب نشوء هذه القضية، والقوى التي عملت على إيجادها. والصعوبة هنا لا تنشأ من القضية ذاتها وعدالتها ووضوح الحق فيها، ولكنها تنشأ من الكتابات العديدة التي كتبت عن هذه النقطة أو تلك، وتناولتها من زوايا متعددة، حتى أصبح تاريخ هذه القضية وكأنه سجل للتاريخ المعاصر بكل تناقضاته وصراعا ته الأيدلوجية والفكرية.

فقد عرف تاريخ هذه القضية تصورات متباينة ومتصارعة، على المستوى العالمي، والعربي، والإسلامي، وحتى الفلسطيني. وامتد هذا التباين حتى برز في داخل الأطر السياسية نفسها، حيث تناقضت الشعارات حتى في الميدان الواحد، ونما التباين حتى أصبح كمية هائلة تحتاج وحدها إلى بحث وتمحيص، ونما القصور والتباين حتى تحول إلى صراع مكشوف أو تنافس مدمر. فعلى المستوى العربي والفلسطيني، لم تخرج معظم التحليلات والكتابات، عن إعتبار إسرائيل حاملة طائرات أمريكية في قلب الشرق الأوسط، وان مهمتها الإمبريالية تكمن في عزل الشرق العربي عن المغرب العربي للحيلولة دون تحقيق الوحدة العربية، التي تستولي على إمكانيات اقتصادية وبشرية وجغرافية وسياسية هائلة.

فمن ناحية ركز الفكر العربي الثوري على حقيقة إسرائيل الإمبريالية، فقال إن هدفها ضرب الأنظمة الثورية المعادية للإمبريالية في المنطقة العربية. والمثقفون العرب من ناحيتهم، حصروا إسرائيل في كونها، كيان استيطاني عنصري مفرز عن العالمية الرأسمالية. أما الإسلاميون فلم يخرجوا في تحليلاتهم عن هذا وذاك، واعتبروا إسرائيل أداه في يد الاستعمار لضرب الصحوة الإسلامية، والحيلولة دون نشوء أي حكم إسلامي ... وقد نسى هؤلاء جميعا عدة حقائق منها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015