أما يَكْفِيك أَن تكنى بِأبي عبد الله فَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كناني فَقَالَ إِن رَسُول الله قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأَنا فِي جلجتنا فَلم تزل تكنى بِأبي عبد الله حَتَّى هلك الجلجلة بجيمين بَينهمَا لَام الْأَمر المضطرب

وَبِالْجُمْلَةِ فَأَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ أحد الْحفاظ الْمَشْهُورين والأعلام الْمَذْكُورين أَخذ عَن البُخَارِيّ وَبِه تخرج وَعَن مُسلم وَأبي دَاوُد وَعَن شيوخهم بِالْبَصْرَةِ والكوفة والواسط والري وخراسان والحجاز

وَله تصانيف كَثِيرَة فِي علم الحَدِيث صنف كتاب الْجَامِع والعلل تصنيف رجل متقن وَبِه كَانَ يضْرب الْمثل فِي الْحِفْظ وشارك البُخَارِيّ فِي بعض شُيُوخه مثل قُتَيْبَة بن سعيد وَعلي بن حجر وَابْن بشار وَغَيرهم

وَنقل الْحَاكِم أَن البُخَارِيّ مَاتَ وَلم يخلف مثل أبي عِيسَى فِي الْعلم وَالْحِفْظ والورع والزهد بَكَى حَتَّى عمي وَبَقِي ضريرا سِنِين وَقيل أَنه ولد أكمه وَكَانَ مكفوف الْبَصَر لَقِي الصَّدْر الأول من الْمَشَايِخ كمحمود بن غيلَان وَأحمد بن منيع وَمُحَمّد بن الْمثنى وسُفْيَان بن وَكِيع وَهُوَ خَليفَة البُخَارِيّ أَخذ عَنهُ خلق كثير

وَمن مناقبه أَن البُخَارِيّ روى عَنهُ حَدِيثا خَارج الصَّحِيح وحسبه بذلك فخرا وَله فِي الْفِقْه والْحَدِيث يَد صَالِحَة وَكتابه جَامع الصَّحِيح يدل على عَظِيم قدره واتساع حفظه وَكَثْرَة اطِّلَاعه وَغَايَة تبحره فِي هَذَا الْفَنّ حَتَّى قيل أَنه لم يؤلف مثله فِي هَذَا الْبَاب وَمن تصانيفه شمائل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أحسن الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا الْبَاب كثير الميامن والبركات وقراءته للمهمات مجربة للأكابر الثِّقَات وَقد حصل لي بِحَمْد الله تَعَالَى وَحسن توفيقه سَنَده الْمُتَّصِل إِلَى مُؤَلفه بِعشْرَة وَاسِطَة وَهُوَ فِي نِهَايَة الْعُلُوّ كَمَا قيل مَا الْفَخر عِنْد الرِّجَال إِلَّا بالسند العال

وَقد أنْشد قَاضِي الْقُضَاة أبوالخير شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي الشِّيرَازِيّ الْمَعْرُوف بِابْن الجرزي صَاحب الْحصن الْحصين رَحمَه الله تَعَالَى حِين تمّ قِرَاءَته فِي مَجْلِسه الشريف نظم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015