قلت وَأما الحَدِيث الْمُرْسل الَّذِي رَوَاهُ التَّابِعِيّ مُطلقًا أَو تَابِعِيّ كَبِير إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يحْتَج بِهِ الإِمَام الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور وَاحْتج بِهِ أَو حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ فَإِن اعتضد بمجيئه من وَجه آخر مُسْندًا أَو مُرْسلا مِمَّن يقبل عَنهُ الْعلم أَو وَافق قَول الصَّحَابَة وَأفْتى أَكثر الْعلمَاء بِمُقْتَضَاهُ فَإِنَّهُ صَحِيح

قَالَ الشَّافِعِي لَا أقبل مُرْسل غير كبار التَّابِعين إِلَّا بِالشّرطِ الَّذِي وَصفته وَمن ثمَّ احْتج الشَّافِعِي بمراسيل ابْن الْمسيب لِأَنَّهَا وجدت مُسندَة من وُجُوه أخر

قَالَ النَّوَوِيّ إِنَّمَا اخْتلف أَصْحَابنَا المتقدمون فِي معنى قَول الشَّافِعِي إرْسَال ابْن الْمسيب عندنَا حسن على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا أَنَّهَا حجَّة عِنْده بِخِلَاف غَيرهَا من الْمَرَاسِيل لِأَنَّهَا وجدت مستندة ثَانِيهمَا أَنَّهَا لَيست بِحجَّة عِنْده بل هِيَ كَغَيْرِهَا من الْمَرَاسِيل وَإِنَّمَا رجح الشَّافِعِي بمرسله وَالتَّرْجِيح بالمرسل جَائِز قَالَ الْخَطِيب وَالصَّوَاب الثَّانِي وَأما الأول فَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن فِي مَرَاسِيل سعيد مَا لَا يُوجد بِحَال من وَجه آخر يَصح

فَإِن قيل قَوْلكُم يقبل الْمُرْسل إِذا جَاءَ مُسْندًا من وَجه آخر لَا حَاجَة إِلَى المراسل بل الِاعْتِمَاد حِينَئِذٍ على الحَدِيث الْمسند أُجِيب بِأَنَّهُ بالمسند تَبينا صِحَة الْمُرْسل وصارا دَلِيلين يرجح بهما عِنْد مُعَارضَة دَلِيل وَاحِد وَأما مَرَاسِيل الصَّحَابَة كَابْن عَبَّاس وَغَيره من صغَار الصَّحَابَة عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا لم يسمعوه مِنْهُ فَهُوَ حجَّة وَإِذا تعَارض الْوَصْل والإرسال بِأَن اخْتلف الثِّقَات فِي حَدِيث فيرويه بَعضهم مُتَّصِلا وَآخر مُرْسلا كَحَدِيث لَا نِكَاح إِلَّا بولِي رَوَاهُ اسرائيل وَجَمَاعَة عَن أبي اسحاق السبيعِي عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَوَاهُ الثَّوْريّ وَشعْبَة عَن أبي اسحاق عَن أبي بردة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل الحكم للمسند إِذا كَانَ عدلا ضابطا قَالَ الْخَطِيب وَهُوَ الصَّحِيح وَسُئِلَ عَنهُ البُخَارِيّ فَحكم لمن وصل وَقَالَ الزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة وَتقبل زِيَادَة الثِّقَات مُطلقًا على الصَّحِيح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015