الْمُتَأَخِّرين وَإِن شِئْت الْحق فطوائف المبتدعين من الروافضة والمعتزلة وَغَيرهم يتمكنون بِأَدْنَى عناية أَن يلخصوا مِنْهَا شَوَاهِد مذاهبهم فالاقتصار بهَا غير صَحِيح فِي معارك الْعلمَاء بِالْحَدِيثِ وَالله أعلم انْتهى

قَالَ الْمولى عبد الْعَزِيز الدهلوي وَلما اتَّضَح حَال الطَّبَقَات وترتيب كتب الحَدِيث وتقرر أَن الطَّبَقَة الْعليا فِي هَذَا الْبَاب الْمُوَطَّأ والصحيحان فَلَا بُد من مزِيد اهتمام بتحقيق هَذِه الثَّلَاثَة أَولا وبالبقية من الصِّحَاح السِّتَّة ثَانِيًا وَالظَّن الْغَالِب أَن بعد تَحْقِيق الْمُوَطَّأ وأختيه يفرغ عَن الْأَمر بِنَحْوِ ثلثين فِي تَحْقِيق بَقِيَّة الْأُصُول السِّتَّة بلامين وَلَا يبْقى إِلَّا الْقدر الْيَسِير وَأَيْضًا قَالَ إِن علم الحَدِيث لما كَانَ من قبيل الْخَبَر وَالْخَبَر يحْتَمل الصدْق وَالْكذب فَلَا بُد من تَحْصِيل هَذَا الْعلم من أَمريْن الأول مُلَاحظَة حَال الروَاة وَالثَّانِي الِاحْتِيَاط الْعَظِيم فِي فهم مَعَاني الْأَحَادِيث لِأَن المساهلة فِي الْأَمر الأول توجب التباس الْكَاذِب بالصادق وَعدم الِاحْتِيَاط فِي الثَّانِي توجب اشْتِبَاه المُرَاد بِغَيْر المُرَاد وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ لَا تحصل الْفَائِدَة الَّتِي ترجى من علم الحَدِيث بل يحصل ضدها الْمُوجب للضلال والإضلال معَاذ الله من ذَلِك

فَالْأَمْر الأول أَعنِي مُلَاحظَة حَال الروَاة المخبرين فَكَانَ لَهُم فِي الصَّدْر الأول من التَّابِعين وتبعهم إِلَى زمن البُخَارِيّ وَمُسلم طَرِيقا آخر حَيْثُ كَانُوا يبحثون عَن أَحْوَال رجال كل بَلْدَة وزمان ويفتشون عَنْهَا فَمَتَى شموا فِي أحد مِنْهُم رَائِحَة الْكَذِب وَسُوء الْحِفْظ وَعدم التدين يقبلُوا حَدِيثه وَمن ثمَّ صنفت دفاتر مبسوطة وَكتب مضبوطة فِي أَحْوَال الرِّجَال وَأما الْيَوْم فحاله على طَرِيق آخر وَلذَلِك وَجب التَّمْيِيز بَين الْكتب الْمُجَرَّدَة الصِّحَاح الْقَابِلَة اللاعتماد وَبَين الْكتب الْوَاجِبَة الرَّد وَالتّرْك لِئَلَّا يَقع الطَّالِب فِي ورطة التَّخْلِيط وَقد فَاتَ هَذَا التَّمْيِيز من كثير من الْمُحدثين الْمُتَأَخِّرين حَتَّى خالفوا فِي رسائلهم جُمْهُور السّلف الصَّالِحين وتمسكوا بِأَحَادِيث الْكتب الَّتِي لَا عِبْرَة بهَا عِنْد الْمُحَقِّقين المبرزين

وَالْأَمر الثَّانِي أَي الِاحْتِيَاط فِي فهم مَعَاني الْأَحَادِيث ف مَشَارِق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015