كما أن الحسبة تدخل في المعاملات مثل: عقد العقود المحرمة، وأكل أموال الناس بالباطل بالربا وغيره، والرشوة؛ فإن هذه العقود محرمة، يجب على المحتسب أن ينكرها على أهلها، وأن يحول بينهم وبينها.

كذلك يدخل في الحسبة الغش في الصناعات، والبياعات؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد دخل السوق، وأنكر على من غش الطعام، ففي الحديث المشهور عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ما هذا يا صاحب الطعام؟! فقال: أصابته السماء يا رسول الله. فقال -صلى الله عليه وسلم-: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، مَن غشنا فليس منا)).

والواقع أن الغش يكون في أشياء كثيرة جدًّا، فيكون مثلًا: في البيوع بكتمان العيوب، وتدليس السلع، فلا يحل لمسلم أن يبيع سلعة يعلم بها عيبًا إلا بينها للمشتري، فإن فعل بارك الله له ولصاحبه، وإن كتم محقت بركة بيعه، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)).

وقد قال جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-: "بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم، وذات يوم أرسل غلامًا له يشتري له فرسًا، فاشترى الغلام الفرس بثلاثمائة درهم، فلما جاء الغلام بالفرس سأله: بكم اشتريته؟ قال: بثلاثمائة درهم. فقال: أتعرف صاحبه؟ قال: نعم. قال: دلني عليه. فقام جرير بن عبد الله وأتى البائع فقال: أبعت فرسك هذا؟ قال: نعم. قال: بعته بثلاثمائة درهم؟ قال: نعم. قال: لا؛ إن فرسك يستحق أكثر من هذا، أتبيعه بأربعمائة أتبيعه بخمسمائة، فما يزال يريده حتى رفع الثمن من ثلاثمائة إلى ثمانمائة درهم، ثم قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة والنصح لكل مسلم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015