لقضي عليها بالزوال من أمصار الشرق، فقد ضعفت في مصر والشام والعراق والحجاز منذ القرن العاشر للهجرة حتى بلغت منتهى الضعف في أوائل هذا القرن الرابع عشر"1.

وقد سبق هذا الاعتراف والثناء العاطر في سنة 1347هـ، من العلامة المحقق عبد العزيز الخولي فهو يقول في مفتاح السنة تحت عنوان حال السنة في عصرنا الحاضر:

"ولا يوجد في الشعوب الإسلامية على كثرتها واختلاف أجناسها من وفَّى الحديث قسطه من العناية في هذا العصر مثل إخواننا مسلمي الهند، أولئك الذين وجد بينهم حفاظ للسنة دارسون لها على نحو ما كانت تدرس في القرن الثالث، حرية في الفهم ونظر في الأسانيد".

وهذا كان منهج تدريس الحديث وتنقيد الروايات لكل من المحدث السيد نذير حسين الدهلوي والمحدث حسين بن محسن الأنصاري والنواب صديق حسن البوفالي، الذي كان يتجلى فيه روح الاجتهاد وحرية في الفهم ونظر في الأسانيد على المنهج السلفي الذي نرى في مؤلفات الشاه ولي الله الدهلوي والإمام الشوكاني، وإلى ذلك المنهج أشار الأستاذ الخولي فقال:

"وإن أساس تلك النهضة في البلاد الهندية أفذاذ أجلاء تمخضت بهم العصور الحديثة وانتهجوا في تحصيل العلوم نهج السلف فنبه شأنهم وعلا أمرهم وذاع صيتهم وتكونت جمعيات سلكت سبيلهم وعملت على نشر مبادئهم، فكان لها ذلك الأثر الصالح والسبق الواضح ومن أشهر هؤلاء الأعلام ولي الله الدهلوي صاحب التصانيف في اللغتين العربية والفارسية وأشهرها حجة الله البالغة والسيد صديق حسن خان ملك بهوبال صاحب التصانيف الكثيرة أيضا".

ثم يقول: "ومن حسناته طبع فتح الباري في شرح البخاري للحافظ ابن حجر ونيل الأوطار للإمام الشوكاني وتفسير الحافظ ابن كثير مع تفسيره فتح البيان، طبعت هذه على نفقته في المطبعة الأميرية بمصر، فكانت من أنجح وسائل إحياء السنة".

واستطرد قائلا: "وفي الهند طائفة الآن كبيرة تهتدي بالسنة في كل أمور الدين، ولا تقلد أحدا من الفقهاء ولا المتكلمين، وهي طائفة المحدثين"2.

وقد أثنى العلامة محمد منير الدمشقي على علماء أهل الحديث في الهند في كتابه نموذج من الأعمال الخيرية ثناء عاطرا فقال:

"وهي نهضة عظيمة أثَّرت على باقي البلاد الإسلامية فاقتدى بها غالب البلاد الإسلامية في طبع كتب الحديث والتفسير"3.

كما اعترف الأستاذ الخولي بفضلهم فقال: "طبعوا كثيرا من كتبها النفيسة التي كانت تذهب بها الإهمال وتقضي عليها غير الزمان"4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015