وقد كان مجتمع ((قمران)) الذي ساهمت مخطوطاته المكتشفة في منتصف القرن العشرين, في تحقيق فهم أفضل للبيئة التي ظهر فيها المسيح, يرى أن المرأة غير المحجّبة أشبه بمن يعاني إعاقة بدنيّة؛ ممّا يلزم منه أن تقصيها جماعة الناس عن المجتمع؛ احترامًا للملائكة. (?)

في ظلّ هذه الأجواء, لا يمكن أن نتصوّر أنّ ((بولس)) كان يقول لأهل كورنثوس: على نسائكم أن يغطين رؤوسهن في الكنائس, فإن لم يفعلن ذلك؛ فلتُقصّ شعورهن إهانة لهن, أمّا في الشارع أمام جماهير الرجال؛ فلهنّ أن يتبرّجن!!!

إنّ أسلوب الأمر والزجر الوارد في كلام ((بولس)) يظهر أنّه يدعو إلى مزيد حشمة والتزام, وما كان بصدد تخفيف ما يفرضه العرف في بيئته وزمانه.

إنّ آفة عامة التفاسير المعاصرة- كما اعترف بذلك بعض النقاد الغربيين المحققين - أنّها تفسِّر بعقليتها الغربية الأوروبيّة المعاصرة, كتبًا شرقيّة كتبت في أزمنة قديمة..

إنّ وَصْلَ كلام ((بولس)) إلى أهل كورنثوس, ببيئتة الطرسوسية, وخلفيّته اليهوديّة, وأعراف من وجه إليهم رسالتيه؛ ليجعلنا ندرك معنى حديثه عن حكم الحجاب داخل الكنيسة بصورته الأجلى والأوسع ...

كما أنّه من غير المنطقي أن نتحدّث عمّا قرّره العهد الجديد من حرمة النظر إلى النساء بشهوة, وأنّ ذلك فعل قبيح يستدعي من المرء أن يقلع عينه لأجل تفاديه-سواء أكان الحديث على الحقيقة أم على المجاز- , وما أعلنه النصارى في القرن الثاني للميلاد بأنهم يتميّزون بالعفّة والتباعد الشديد عن دواعي إثارة الشهوة ولو بالنظر (?) من (جهة) .. ثمّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015