فأسلم وأسلموا، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "فكان جندب يقدمهم رجلا رجلا"، وكان والده عمرو بن حممة حاكما على دوس ثلاثمائة سنة (?).

روى الشعبي رحمه الله قال: "كنا عند ابن عباس وهو في ضفة زمزم يفتي الناس، إذ قام إليه أعرابي فقال: أفتيتهم فافتنا، قال: هات، قال: ما معنى قول الشاعر:

لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علم الإنسان إلا ليعلما

فقال له ابن عباس: ذاك عمرو بن حممة الدوسي، قضى بين العرب ثلاثمائة سنة، كبر فألزموه السابع أو التسع من وِلْده، فكان إذا غفل قرع له العصا، فلما حضره الموت اجتمع إليه قومه فأوصاهم بوصية حسنة فيها حكم" (?).

قدم جندب المدينة مهاجرا، ثم أتى الشام غازيا، وخلف ابنته عند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "إن حدث بي حدث فزوجها كفئا ولو بشراك نعله"، فكان يدعوها ابنتي، وتدعوه أبي، فلما استشهد أبوها قال عمر - رضي الله عنه -: "من يتزوج الجميلة الحسيبة؟ "، فقال عثما - رضي الله عنه -: أنا، فزوجه إياها على صداق بذله (?)، أنظر: ترجمتها (30).

شارك في الفتح الإسلامي، فكان مع قومه دوس من الأزد، واسم لوائهم مبرور، ومعهم غيرهم من قبائل العرب يوم أجنادين، وكان يوما مشهودا، لم تثبت فيه القبائل ثبات الأزد، وقاتلت قتالا لم يقاتل أحد مثله، من تلك القبائل، وقتل منهم مقتلة لم يقتل مثلها من قبيلة من القبائل، وقتل يومئذ عمرو بن الطفيل ذو النور - رضي الله عنه -، وهو يقول: "يا معشر الأزد، لا يؤتين المسلمون من قبلكم"، وقاتل قتالا شديدا، قتل من أشداء الروم تسعة، ثم قُتل - رضي الله عنه -، وقال جندب بن عمرو بن حممة ورفع رايته: "يا معشر الأزد، إنه لا يبقى منكم ولا ينجو من الإثم والعار إلا من قاتل، ألا وإن المقتول شهيد، والخائب من هرب اليوم"، وقاتل حتى قتل - رضي الله عنه -، ونادى أبو هريرة - رضي الله عنه - "يا مبرور، يا مبرور"، فأطافت به الأزد، قال عبدالله بن سراقة: انتهيت إلى أبي هريرة يومئذ وهو يقول: "تزينوا للحور العين، وارغبوا في جوار بكم في جنات النعيم، فما أنتم في موطن من مواطن الخير أحب فيه منكم في هذا الموطن، ألا وإن للصابرين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015