«مَنْعُ جَوَازِ الْمَجَازِ، فِي الْمُنَزَّلِ لِلتَّعَبُّدِ وَالْإِعْجَازِ» .

فَاتَّضَحَ مِمَّا ذَكَرْنَا كُلَّهُ أَنَّ آيَةَ الزُّخْرُفِ هَذِهِ تُبَيِّنُهَا آيَةُ النِّسَاءِ الْمَذْكُورَةُ، وَأَنَّ عِيسَى لَمْ يَمُتْ وَأَنَّهُ

يَنْزِلُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى هُنَا: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} أَيْ عَلَامَةٌ وَدَلِيلٌ عَلَى قُرْبِ مَجِيئِهَا،

لِأَنَّ وَقْتَ مَجِيئِهَا بِالْفِعْلِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. وَقَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِك مرَارًا.] (?) .

بَاب الْإِيمَان بِالْيَوْمِ الآخر

- من يقبض الْأَرْوَاح.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِى وُكِّلَ بِكُمْ} ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الَّذِي يَقْبِضُ أَرْوَاحَ النَّاسِ مَلَكٌ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ اسْمَهُ عِزْرَائِيلُ.

وَقَدْ بيَّن تَعَالَى فِي آيَاتٍ أُخر أَنَّ النَّاسَ تَتَوَفَّاهُمْ مَلَائِكَةٌ لَا مَلَكٌ وَاحِدٌ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَئِكَةُ ظَالِمِى أَنفُسِهِمْ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرّطُونَ} ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَإِيضَاحُ هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْمُوَكَّلَ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ مَلَكٌ وَاحِدٌ، هُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا، وَلَكِنْ لَهُ أَعْوَانٌ يَعْمَلُونَ بِأَمْرِهِ يَنْتَزِعُونَ الرُّوحَ إِلَى الْحُلْقُومِ، فَيَأْخُذُهَا مَلَكُ الْمَوْت، أَو يعينونه إِعَانَة غير ذَلِك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015