ليس إلا. والدليل القاطع على صدق ما نقول: أننا نتحدى المستعمرين أنفسهم أن يعثروا لنا على شخص واحد فضلا عن جماعة. أو قبيلة في الغرب العربي، تقول عن نفسها مختارة إنها بربرية. وتطالب بوضع خاص لها. بل الذي أعرفه أنا وأراهن عليه أنك لو قلت لمغربي: يا بربري. لقاتلك بحماس. لأن هذه النسبة يعدها إهانة له. إنما الذي يجب أن يعرفه الناس بهذا الصدد. حتى لا يلتبس عليهم الأمر عند اختلاف التعبير. أو عند قصد التضليل. هو وجود سكان قرى الجبال وأعاليها. وسكان المدن والسهول. فالأولون يتميزون بالشجاعة والخشونة مثلا. وأنهم يرطنون بلغة محلية. هي خليط من اللغات القديمة ومن اللغات العربية نفسها. أما لغتهم الرسمية فهي العربية طبعا. وسكان المدن والسهول. يتميزون بالثقافة من جهة. وبما تستلزمه الحضارة من رقة ولين عيش وما أشبه ذلك من جهة أخرى. ولا يسمى سكان الجبال بربرا. وإنما يسمون في الجزائر بالقبائل، جمع قبيلة. وتسمى لغتهم المحلية بالقبائلية. ويسمى هؤلاء في مراكش بالشلوح. وتسمى لغتهم المحلية بالشلحة. وسكان هذه الجبال فيهم كثرة من الأشراف المنتسبين إلى الدوحة النبوية. ولم تمنعهم هذه النسبة من أن يكونوا من القبائل أو من الشلوح. الأمر الذي يدل دلالة قطعية على أن القبائلية والشلحية. إنما هي نسبة إقليمية. وليست عنصرية، كما لم تمنعهم هذه النسبة من أن يكون فيهم مجاهدون صادقون. وخونة مارقون. فمن الصنف الأول الذي ينسب إلى الرسول العربي، من جهة العروبة، وإلى الشلوح من جهة إقليمية، بطل الريف المجاهد الأمير عبد الكريم الخطابي. ومن الصنف الثاني الذي ينتسب أيضا إلى العروبة من جهة، وإلى الشلوح من جهة أخرى التهامي الجلاوي، الرجل الذي أصبح بالدعاية الفرنسية زعيم البربر، وقائدهم الأكبر، أما مقدار صحة نسبة هذين الاثنين إلى الرسول العربي، فليس من شأني ولا من شأن القارئ. إنما هو من شأن من يدعيها. والناس مصدقون في أنسابهم.

جريدة بيروت عدد 5333

طور بواسطة نورين ميديا © 2015