ظلمنا فيه. وجعل الثلث الخارج بشهادة البينة كأنه باق في أيديهما، ولم يجعله كما لو غضب من المال شيء، أو ضاع، أن العبد إنما يعتق في ثلث ما بقي إن حمله، أو ما حمل منه ثلث ما بقي، وأشهب يقول: لا يعتق إلا ثلثاه، وجعل الثلث الذي أخذه الموصى كجائحة أتت على المال، ولو لم يبق [125/أ] من المال إلا ثلثاه لعتق ثلثا العبد، لأنه ثلث ما بقي، وهذا هو الأشبه في القياس؛ لأن الورثة يقولون: قد ذهب ثلث المال بشهادة الشاهدين، ولا قدرة لنا عليه، فأشبه ضياع ذلك.

ومثل هذا المعنى إذا أقر أحد الوارثين بمئتي دينار أنها دين على أبيهما، وقد ترك مئتين وابنين أخذ كل واحد مئة، والمقر ممن لا تجوز شهادته، فعند أشهب يعطي المئة التي في يديه كلها لصاحب الدين، ويعد ما أخذ أخوه كجائحة طرأت على المال، فلم يبق منه إلا مئة، فالدين أولى بها؛ إذ لا يصح ميراث إلا بعد قضاء الدين.

وعلى مذهب ابن القاسم إنما يعطيه خمسين، ويعد ما أخذ أخوه بالأحكام كأنه قائم لم يضع ولم يتلف، فيقول: إنما إنما لك في يدي خمسون فخذها، ولك في يد أخي خمسون غصبكما.

وأما إن كان المقر عدلاً، فعلى مذهب ابن القاسم يمين صاحب الدين معه صواب، وأما على مذهب أشهب فما كان ينبغي أن يحلف؛ لأنه يحلف ليأخذ غيره؛ إذ هو ملزوم عنده بغرم المئة التي في يديه، فصار الحالف غير منتفع بيمينه، وإنما ينتفع بها غيره؛ وهذا نحو قولهم في شهادة الحميل في عدم الغريم أن الذي له الدين يحلف، وهو لو شاء لأخذ الحميل لما أنكر الذي عليه الدين، فصارت يمينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015