م: ولأنه أتلف ملك غيره من غير استحقاق عليه فلزمه بدل ما أتلف؛ لأن الأبدال في المتلفات كالقصاص في النفوس، وقد قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} معناه: أن القاتل والجارح إذا علم أنه يقتص منه انزجر وارتدع أن يفعل ذلك، فكان في ذلك حياة النفوس ولم يجترئ أحد على أحدٍ؛ فكذلك الجناية على المال لو لم يجب فيها البدل لاجترأ الناس بعضهم على بعضٍ.

[(2)] فصل [في أنواع المتلفات]

والمتلفات نوعان: فما يكال أو يوزن فعلى متلفه مثله، وما لا يكال ولا يوزن فعلى متلفه قيمته.

قال بعض أصحابنا من البغداديين: وإنما كان المثل فيما يوزن أو يكال؛ لأن القيمة إنما رجع إليها عند تعذر المثل من طريق الخلقة فاجتهد في تعديلها في المتلف بقيمته، والمثل من طريق الخلقة لا اجتهاد فيه، فكان الرجوع فيه إلى القيمة كالاجتهاد مع وجود النص؛ لأنه لا فائدة فيه، وأما ما لا يكال ولا يوزن فإنما لزم بإتلافه قيمته - لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شركاً له في عبدٍ، فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قوم عليه قيمة العدل فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد"، والعتق إتلاف مالٍ فقد أوجب فيه القيمة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015