زاد ابن مفلح في «طبقاته» وأَنَّه كَانَ يورد من حفظه في المجلس نحو كراسين أَو أكثر، وبقي يُفسِّر في سورة نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام عدة سنين. وأطال في ترجمته كثيرًا، وشهرته تغني عن الاطناب في ذكره والإِشهار في أمره.

ولد يوم الاثنين عاشر شهر ربيع الأَوَّل سنة إِحدى وستين وستمائة بحرّان، وقدم مع أهله سنة سبع وستين وستمائة إِلى دمشق فسمع بها من ابن عبد الدَّائم والمجد بن عساكر وابن أَبي الخير والقاسم الإِربلي والمسلم بن علان وإبراهيم بن الدرجي وابن أَبي اليسر وخلق كثير، وأقبل على العلوم في صغره، فأخذ الفقة والأصول عن والده والشيخ شمس الدين أَبي عمر والشيخ شمس الدين بن المنجَّى، وبرع في ذلك، وقرأ في العربية أيامًا على ابن عبد القوي، ثمَّ أَخذ «كتاب سيبويه» وتأمَّله ففهمه، وأقبل على تفسير القرآن العزيز فبرز فيه، وأحكم الفرائض والحساب والجبر والمقابلة وغير ذلك من العلوم، ونظر في علم الكلام وبرز في ذلك على أهله، وردّ على رؤسائهم وتأهل للفتوى والتدريس وله دون العشرين سنة، وأمدَّه الله تعالى بكثرة الكتب وسرعة الحفظ وقوة الفهم وبطء النسيان، وعُنِي بالحديث أتمَّ عناية ونسخ الأجزاء، ودارعلى الشيوخ وخرجَّ وانتقى وبرع في الرجال وعلل الحديث.

وكان كثير المحاسن، فارغًا عن شهوات المأكل والملبس والجماع. لا لذة له في غير نشر العلم وتدوينه، عرض عليه قضاء [القضاة] قبل التسعين (?) ومشيخة الشيوخ فلم يقبل شيئًا من ذلك، وامتُحِنَ وأوذي مرات وحبس بقلعة مصر والقاهرة وبالإسكندرية وبقلعة دمشق مرتين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015