المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار (?)

[قال بعد كلامه على أبي الحسن الاشعري]:

لم يبقَ اليومَ مذهبٌ يخالفه إلا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ـ رضي الله عنه ـ فإِنهم كانوا على ما كان عليه السلف؛ لا يرون ما ورد من الصِّفات.

إلى أن كان بعد السبع مئة من سني الهجرة: اشْتَهر بدمشق وأعمالها تقيّ الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيميَّة الحرَّاني؛ فتصدَّى للانتصار لمذهب السَّلف، وبالغ في الرد على مذهب الأشاعرة، وصَدَع بالنكير عليهم، وعلى الرافضة وعلى الصوفية؛ فافترق الناسُ فيه فريقان:

فريق يقتدي به، ويعوِّل على أقواله، ويعمل برأْيه، ويرى أَنه شيخ الإسلام، وأجلّ حفَّاظ أهل الملّة الإسلامية.

وفريق يبدِّعه ويضلّله، ويُزري عليه بإِثباته الصِّفات، وينتقد عليه مسائل منها ماله فيه سلف، ومنها ما زعموا أنه خَرَق فيه الإجماع، ولم يكن له فيه سلف.

وكانت له ولهم خطوب كثيرة، وحسابُه وحسابُهم على الله الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015