وأَفتى عدّة بأنه مخطئٌ بذلك خطأَ المجتهدين المغفور لهم، ووافقه جماعة وكبرت القضية فأُعيد إِلى قاعة بالقلعة فبقي بضعة وعشرين شهرًا، وآل الأَمر إِلى أَن مُنِع من الكتابة والمطالعة، وما تركوا عنده كراسًا ولا دواة، وبقي أَشهرًا على ذلك، فأَقبل على التلاوة والتهجد والعبادة حتَّى أتاه اليقين فلم يفجأ الناسَ إِلاَّ نعيُه وما عملوا بمرضه فازدحم الخلق عند باب القلعة وبالجامع زحمة صلاة الجمعة وأَرجح، وشيَّعه الخلق من أَربعة أَبواب البلد وحمل الرؤوس، وعاش سبعًا وستين سنة وأشهرًا، وكان أَسود الرأْس قليل شيب اللحية، ربْعةً، جَهْوري الصوت أَبيض أَعْيَن.

قلت: تنقَّص مرة بعض النّاس من ابن تَيْميَّة عند قاضي القضاة كمال الدين ابن الزَّمْلَكاني وهو بحلب وأَنا حاضر فقال كمال الدين: ومن يكون مثل الشَّيخ تقي الدين في زهده وصبره وشجاعته وكرمه وعلومه!! والله لولا تعرضه للسلف (?) لزاحمهم بالمناكب. وهذه نبذة من ترجمة الشيخ مختصرةٌ، أكثرها من «الدرة اليتيمية في السيرة التيمية» للإمام الحافظ شمس الدين محمد الذهبي. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015