اختطفه من بيننا محموم الحِمام، ويخشى دُروسَ كثيرٍ من علومِهِ المتفرقةِ الفائقةِ، مع تكررِ مرورِ اللَّيالي والأيام، فالطريقُ في حقِّه: هو الاجتهاد العظيم على كتابة مؤلفاته الصغار والكبار على جليتها من غيرِ تصرُّفٍ فيها ولا اختصار، ولو وُجِدَ فيها كثيرٌ من التكرار، ومقابلتها تكثير النُّسَخِ بها وإشاعتها، وجمع النظائر والأشباهِ في مكانٍ واحدٍ، واغتنام حياةِ من بقي من أكابر الإخوان، فكأننا جميعًا بِكمال الفَوْتِ وقد حان، ويكفينا ما عندنا على ما فرطنا من عظيم الأسفِ.

فلِوَجْهِ الله معشرَ الإخوانِ لا تعاملوا الوقت الحاضر بما عاملتم به الوقتَ الذي قد سلف فإن حياته رحمه الله ورضي عنه كانت مأمولةً لاستدراك الفارطات الفائتات، وتكميل الغايات والنهايات، فاغتنموا تحصيل كلِّ مهمةٍ في وقتِها بلا كسل ولا مَلَلٍ، ولا تشاغُلٍ ولا بخل. لأن هذا المهم الكبيرَ أحقُّ شيء يُبْذَل في تحصيله المالُ الكثير، وقد علمتم مضرةَ التعليل والتسويف وكون ذلك من أكبر القواطعِ عن مصالح الدنيا والآخرة.

فاحتفظوا بالشيخ أبي عبد الله (?) - أيده الله - وبما عنده من الذخائر والنفائس، وأقيموه لهذا المهم الجليل بأكثر ما تقدرون عليه ولو تأَلَّمتم أحيانًا من مطالبته؛ لأنه قد بقي في فنه فريدًا، ولا يقوم مقامه غيره من سائر الجماعة على الإطلاق، وكل أحوال الوجود لابد فيها من العوارض والأنكاد، فاحتسبوا مساعدته عند الله تعالى، وانهضوا بمجموع كلفته، فإن الشدائد تزول، والخيرات تغتنم، فاكتبوا ما عنده وليكتب ما عندكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015