والآن وبعد أن شُرع التيمُّم لا يكون أحد يشبههم في فعلهم إلا مَن صلى دون وضوء ودون تيمُّم لعدم وجود الماء والصعيد، أي إلا من كان فاقد الطَّهورين معاً، وحينئذ يكون قد صلى دون طهارة مثلهم، وبمعنى آخر فإن إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لصلاة الأوَّلين هو إقرار ينسحب على من صلى وهو فاقد الطَّهورين.

وإلى هذا الاستدلال ذهب العديد من الفقهاء، فابن حجر يقول (الحديث ليس فيه أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ففيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطَّهورين، ووجهه أنهم صلُّوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -) والشوكاني يقول (ليس في الحديث أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ولكن عدم الماء في ذلك الوقت كعدم الماء والتراب لأنه لا مُطهِّر سواه) .

فالفاقد للطَّهورين يصلي دون طهارة، وهذا الدليل يردُّ رأي أبي حنيفة ورأي مالك. أما بخصوص رأي مالك فواضح، وأما بخصوص رأي أبي حنفية فهو أن الإتيان بحركات الصلاة دون نية ودون قراءة ليس صلاة، بمعنى أن من يفعل ذلك لا يكون صلَّى، فرأيه في النتيجة هو رأي مالك، والحديث ردٌّ عليهما.

يبقى سؤال: هل يعيد من صلى دون طهارة أم لا يعيد؟ يدلُّ هذا الحديث على أن الإعادة غير واجبة، وإلا لبيَّنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما لم يبيِّن ذلك فقد دل على عدم وجوب الإعادة، لأن الحاجة اقتضت منه أن يُبيِّن وجوب الإعادة لو كانت واجبة، فلما سكت دل ذلك على عدم الوجوب، وبذلك يُرَدُّ رأي أبي حنيفة والشافعي في وجوب الإعادة.

الفهرس

الموضوع ………………… الصفحة

مقدمة… 6

تمهيد… 8

الفصل الأول

أحكام المياه… 9

الماء الطَّهور… 10

الماء النجس… 12

الماء المستعمل… 18

تطبيقات على الماء… 30

سُوْر الحيوان… 32

الفصل الثاني

أعيان النجاسات… 42

النجاسات من الإنسان… 43

أ. البول… 43

ب. الغائط… 44

طور بواسطة نورين ميديا © 2015