اختلف العلماء في معنى لفظة الفِطْرة، فقال الخطَّابي: ذهب أكثر العلماء إلى أنها السُّنَّة، أي سنن الأنبياء. وقال أبو هريرة والزُّهري وأحمد: هي الإسلام. قال ابن عبد البرِّ: وهو المعروف عند عامَّة السلف. وقال ابن حجر: هي الدين، وعزاه إلى طائفة من العلماء. وجزم به أبو نُعيم. وقد استدل الفريقان من جملة ما استدلا به بقوله تعالى {فَأَقِمْ وَجْهَكَ للدِّيْنِ حَنِيْفاً فِطْرَةَ اللهِ التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيْلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّيْنُ القَيِّمُ ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُوْنَ} الآية 30 من سورة الروم. وبما روى مسلم عن عياض بن حمار المُجاشِعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم في خُطبته «ألا إنَّ ربي أمرني أن أُعلِّمكم ما جهلتم مما علَّمني يومي هذا، كل مال نَحلتُه عبداً حلال، وإني خلقتُ عبادي حُنفاء كلَّهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ... » . وذكر ابن عطيَّة في تفسيره أن جماعة من العلماء قالوا: إن الفطرة هي الملَّة، دون أن يُسمِّيهم، ويظهر أنهم استدلُّوا على رأيهم بما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «ما من مولود يولد إلا وهو على الملَّة» . وفي رواية ثانية له «إلا على هذه الملَّة حتى يبين عنه لسانُه» . وقال أبو شامة: أصل الفطرة الخِلقة المبتدأة، ومنه قوله عزَّ وجلَّ {فاطِرَ السمواتِ والأرضِ} أي المبتديء خلقهن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015