قلتُ: وهذا كلام فيه نظر، والصحيح ما فهمه ابن دقيق العيد والذهبي ومن تبعهم من الأئمة رحمهم الله ومقتضى كلامهم موافق لمراد الحاكم غير مخالف له لأنهم عرفوا ذلك من تصريح الحاكم نفسه عقب كل حديث فإنه كان يقول مثلاً " حديث على شرط الشيخين واحتجوا برواته جميعاً " أو ما شابه ذلك فصارت بالاستقراء عندهم شرطاً للحاكم وإنْ لم ينص عليها في المقدمة، وإنه رحمه الله لم ينقح كتابه لانقضاء أجله رحمة الله عليه، وأشار الحافظ ابن حجر رحمه الله إلى ذلك فقال:"إن الحاكم وقع له التَّساهل لأنه سوَّد الكتاب لينقّحَه فأعجلته المنية "

واختلفوا في الحكم على المستدرك فمنهم من غالى فزعم أنه لم يَرَ فيه حديثاً على شرط الشيخين ومنهم من تساهل فحكم بتصحيحه وهو تفريط ومنهم من توسط مثل أبي عمرو بن الصلاح فقال في علوم الحديث المسماة بمقدمة ابن الصلاح عنه: " أنه واسع الخَطو في شرح الصحيح، متساهل بالقضاء به، فالأولى أن يتوسط في أمره، فما لم نجد فيه تصحيحاً لغيره من الأئمة إن لم يكن من قبيل الصحيح، فهو من قبيل الحسن الذي يُحتجُّ به ويعمل به إلى أن تظهر فيه علة توجب ضعفه. " مقدمة ابن الصلاح مع الشرح (29).

قلتُ: وقع للذهبى أوهاماً أيضاً وذلك لأنه كان في بداية الطلب وربما وجد الباحث تناقضا بين كلام الذهبي في الميزان وموافقته في التعليق على المستدرك، وقد نقل الحافظ العراقى رحمه الله تعقب بعض من اختصر كلامه وهو، بدر الدين ابن جماعة فقال: "إنه يتتبع ويحكم عليه بما يليق بحاله من الحسن أو الصحة أو الضعف، وهذا هو الصواب". التقيد والإيضاح (30).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015