قد لاح في هذه الألفاظ تسعة أغلاط خطرت بالبال والله أعلم بحقيقة الحال،

• الأول: إدخال الهمزة على غير محل الإنكار وهو جاعل، والواجب إدخالها على المسلعة لأنها محل الإنكار نحو أغير الله أبغي حكمًا،

• الثاني: تقديم المسند أعني جاعل على المسند إليه أعني أنت الذي هو خلاف الأصل فلا يرتكب إلا لسبب، فكان الواجب تقديم المسلعة وإدخال الهمزة عليها وترك التقديم بأن يقال أمسلعة تجعل ذريعة،

• الثالث: أن ترتيب البيت على ما قبله يقتضي أنه قصد الالتفات من الغيبة إلى الخطاب قطعًا، وأنه بعد أن حكى حالهم الشنيعة التفت إلى خطابهم ومواجهتهم بالتوبيخ حتى كأنهم حاضرون يستمعون، وحينئذ يكون قد أخطأ في إيراد أحد اللفظين بالجمع والآخر بالإفراد ولا شك أن شرط الالتفات الاتحاد،

• الرابع أن الجاعلين الذين حكى عنهم في البيت الأول هم العرب في الجاهلية فلا وجه لتخصيص واحد منهم بالإنكار عليه دون البقية، لا يقال هذا الوجه داخل في الذي قبله لأنا نقول هذا وارد بقطع النظر عن كون الكلام التفاتًا أو غير التفات من حيث أنه نسب أمرًا إلى جماعة ثم خص واحدًا منهم بالإنكار من غير التفات إلى الالتفات أصلاً،

• الخامس: تنكير المسند إذ لا وجه له مع تقدم العهد حيث علم أن مراده بالجاعل هم الأناس المذكورون في البيت الأول فكان حق الكلام أن يقال أمسلعة أنتم الجاعلون،

• السادس البيقور اسم جمع كما في القاموس واسم الجمع وإن كان يذكر ويؤنث لكن قال الرضي في بحث العدد ما محصله أن اسم الجمع إن كان مختصًا بجمع المذكر كالرهط والنفر بمعنى الرجال فيعطي حكم المذكر في التذكير، فيقال تسعة رهط ولا يقال تسع رهط، كما يقال تسعة رجال ولا يقال تسع رجال، وإن كان مؤنثًا فيعطى حكم جمع الإناث نحو ثلاث مخاض؛ لأنها بمعنى حوامل النوق، وإن احتملهما كالخيل والإبل والغنم لأنها تقع على الذكور والإناث فإن نصصت على أحد المحتملين فإن الاعتبار بذلك النص انتهى، فقد صرح بأنها إذا استعملت مرادًا بها الذكور تعطى حكم الذكور، وقد نص صاحب القاموس وغيره على أنهم كانوا يعلقون السلع على الثيران فبهذا الاعتبار لا يجوز وصف البيقور بالمسلعة،

• السابع: إيراد المسلعة صفة جارية على موصوف مذكر والذي يظهر من عبارة الصحاح اسم للبقرة التي يعلق عليها السلع للاستمطار لا صفة محضة، حيث قال ومنه المسلعة الخ، ولم يقل ومنه البقرة المسلعة،

• وقال السيوطي في شرح شواهد المغنى نقلاً عن أئمة اللغة أن المسلعة ثيران وحش علق فيها الحلع، وحيئنذ فال يجري على موصوف كما أن لفظ الركب اسم لركبان الإبل مشتق من الركوب، ولم يستعمل جاريًا على موصوف فلا يقال جاءتني رجال ركب، بل جاءني ركب،

• الثامن: أن المنصوص عليه في كتب اللغة أن الذريعة بمعنى الوسيلة لا غير، وأن الوسيلة مستعملة في التعدية بإلى، فاستعمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015