وَفِي الدَّقِيقِ بِزَكَاتِهِ قَوْلانِ

قال مالك: لا يجزئ إخراج الدقيق. قال ابن حبيب إنما ذلك للريع، فإن أخرج منه مقدار ما يخرج من صاع القمح أجزأ، وقاله أصبغ، وجعله بعضهم تقييداً. ووجه عدم الإجزاء: أن في الدقيق تحجيراً؛ لأن القمح يصلح لما لا يصلح له الدقيق، ولو جاز الدقيق لجاز الخبز. قوله: (بِزَكَاتِهِ) احترازاً مما إذا أخرجه بغير زكاته فلا يجزئه اتفاقاً.

وَتخرُجُ عَنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ قُوتهُ دُونَهُ لا لِشُحٍّ فَقَوْلانِ

يعني: أن التسعة المقدمة هي متعلق الوجوب من حيث الجملة، وأما من حيث التفصيل، فيتعين في حق كل بلد غالب قوتهم، فأهل مصر يتعين في حقهم القمح، وإن كان قوته أفضل فله أن يخرج من قوته، فإن أخرج من قوت الباد أجزأه، وإن كان يقتات الأدنى لعسر أخرج منه؛ لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7] وإن كان مع الوجدان كالبدوي يأكل الشعير بالحاضرة وهو مليء فقولان، ومفهوم كلامه أنه لو فعل ذلك [150/ ب] شحاً لكلف أن يخرج من قوت البلد اتفاقاً.

ومَصْرِفُهَا مَصْرِفُ الزَّكَاةِ. وقِيلَ: الْفَقِيرُ الَّذِي لَمْ يَاخُذْ مِنْهَا. وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُعْطَى الْوَاحِدُ عَنْ مُتَعَدِّدٍ ....

ظاهر كلامه أنها تصرف في الأصناف الثمانية، وليس كذلك، فقد نص في الموازية على أ، هـ لا يعطى منها من يليها ولا من يحرصها. وظاهر كلامهم: أنه لا يعطى منها المجاهد، وأكثر كلامهم تعطى للفقراء والمساكين. وقوله: (وقِيلَ: الْفَقِيرُ الَّذِي لَمْ يَاخُذْ مِنْهَا) هو قول أبو مصعب. ونصه على ما نقل اللخمي: وقال أبو مصعب: لا يعطاها من أخرجها ولا يعطى فقير أكثر من زكاة إنسان وهو صاع. قال اللخمي: وهو الظاهر؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015