فهو منافق حقاً، وهذا قول سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وقد رجع إليه الحسن البصري رحمه الله بعد أن كان على خلافه، وهو مروى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم ورووه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال القاضي عياض واليه مال كثير من أئمتنا، وحكى الخطابي قولاً آخر معناه التحذير للمسلم أن يعتاد هذه الخصال التي يخاف عليه بها أن تفضي به إلى حقيقة النفاق، وحكى الخطابي أيضاً عن بعضهم أن الحديث ورد في رجل بعينه منافق وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجههم بصريح القول فيقول فلان منافق وإنما يشير إشارة كقوله صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام يفعلون كذا وقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الأولى التي رواها مسلم في صحيحه أربع من كن فيه كان منافقاً وفي الرواية الثانية آية المنافق ثلاث لا منافاة بينهما فان الشيء الواحد قد يكون له علامات كل واحدة منها يحصل بها صفته ثم قد تكون تلك العلامة شيئاً واحداً وقد تكون أشياء، ومعنى قوله وإذا عاهد غدر داخل في معنى وإذا ائتمن خان لأن العهد أمانة ومعنى قوله وإذا خاصم فجر أي مال عن الحق وقال الباطل والكذب، قال أهل اللغة وأصل الفجر الميل عن القصد، ومعنى آية المنافق أي علامته ودلالته فمنه يعلم أن كفر عمل الجوارح ونفاق عملها ليس مما نحن فيه إنما القصد الكلي والفائدة العظمى لمن عقلها عمل القلب وهو اعتقاده وقبوله لما جاء عن الله وأرسل به محمداً عبده ورسوله من ان الدين كله لله. قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّه} وقد أجمع الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم أن المراد بالفتنة هنا الشرك ونحن لم نؤم إلا إليه ولم نجاهد إلا عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015