الشَّرْحُ

- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوحِيْدِ هُوَ وُجُوْبُ الاسْتِسْلَامِ لِلقَضَاءِ وَالقَدَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيْدِ الوَاجِبِ.

- لَمْ يَجْزِمِ المُصَنِّفُ بِحُكْمِ قَوْلِ (لَوْ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسْبِ الحَامِلِ عَلَيْهَا.

- قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ المُؤْمِنِيْنَ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِيْنَ نَافَقُوا وَقِيْلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيْلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيْمَانِ يَقُوْلُوْنَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوْبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُوْنَ، الَّذِيْنَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُوْنَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ المَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِيْنَ} (آل عِمْرَان:168).

- وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّوْنَ بِاللَّهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُوْلُوْنَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُوْنَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُوْنَ لَكَ يَقُوْلُوْنَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوْتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِيْنَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُوْرِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوْبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيْمٌ بِذَاتِ الصُّدُوْرِ} (آل عِمْرَان:154).

- قَوْلُهُ تَعَالَى {يَقُوْلُوْنَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} (آل عِمْرَان:154): أَيْ: لَوْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الوَاقِعَةِ رَأْيٌ وَمَشُوْرَةٌ {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} وَهَذَا إِنْكَارٌ مِنْهُم وَتَكْذِيْبٌ بِقَدَرِ اللهِ، وَتَسْفِيْهٌ مِنْهُم لِرَأْي رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْي أَصْحَابِهِ، وَتَزْكِيَةٌ مِنْهُم لِأَنْفُسِهِم، فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهِم بِقَوْلِهِ {قَلْ لَوْ كُنْتُم فِي بُيُوْتِكُم} الَّتِيْ هِيَ أبَعْدُ شَيْءٍ عَنْ مَظَانِّ القَتْلِ {لَبَرَزَ الَّذِيْنَ كُتِبَ عَلَيْهِم القَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِم}.

- قَوْلُهُ {لِإِخْوَانِهِم}: قِيْلَ: فِي النَّسَبِ لَا فِي الدِّينِ، وَقِيْلَ: فِي الدِّيْنِ ظَاهِرًا; لِأَنَّ المُنَافِقِيْنَ يَتَظَاهَرُوْنَ بِالإِسْلَامِ، وَلَوْ قِيْلَ: إِنَّهُ شَامِلٌ لِلأَمْرَينِ; لَكَانَ صَحِيْحًا.

- حَدِيْثُ البَابِ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيْمِ قَوْلِ (لَو) أَوْ (لَيْتَ) وَمَا شَابَهَهُمَا عَلَى سَبِيْلِ التَّحَسُّرِ وَالنِّقْمَةِ عَلَى القَدَرِ، وَأَمَّا اسْتِخْدَامُهَا فِي عُمُوْمِ الإِخْبَارِ وَالتَّمَنِّي أَوِ الحَدِيْثِ عَنِ المُسْتَقْبَلِ فَيَجُوْزُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيْهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى القَدَرِ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ.

قَالَ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (فَاسْتِعْمَالُ (لَوْ) يَكُوْنُ بِحَسْبِ الحَالِ الحَامِلِ عَلَيْهَا؛ فَإِنْ حَمَلَ عَلَيهَا الضَّجَرُ وَالحُزْنُ وَضَعْفُ الإِيْمَانِ بِالقَضَاءِ وَالقَدَرِ أَوْ تَمَنِّي الشَّرِّ كَانَ مَذْمُومًا، وَإِنْ حَمَلَ عَلَيهَا الرَّغْبَةُ فِي الخَيْرِ وَالإِرْشَادِ وَالتَّعْلِيْمِ كَانَ مَحْمُوْدًا، وَلِهَذَا جَعَلَ المُصَنِّفُ التَّرْجَمَةَ مُحْتَمِلَةً لِلأَمْرَينِ). (?)

- الوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِ إِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ أَنْ يَكُوْنَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ- وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ - إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ). (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015