مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- المَسْأَلَةُ الأُوْلَى) مَا الجَوَابُ عَنِ بَعْضِ النُّصُوْصِ التَّالِيَةِ الَّتِيْ فِيْهَا التَّعْلِيْقُ بِالمَشِيْئَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ:

1) حَدِيْثُ البُخَارِيِّ عِنْدَمُا زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيًّا مَرِيْضًا فَقَالَ لَهُ: (طَهُورٌ؛ إِنْ شَاءَ اللهُ). (?)

2) حَدِيْثُ (لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا؛ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي) (?)، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيْهِ جَزْمٌ بِالمَطْلُوْبِ!

3) قَوْلُهُ تَعَالَى {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) (الكَهْف:69)؟

وَالجَوَابُ:

1) أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ إِنْ كَانَ عَلَى جِهَةِ الخِطَابِ فَلَا يَجُوْزُ لِحَدِيْثِ البَابِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيْلِ الخَبَرِ وَالتَّبَرُّكِ؛ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَفي الحَدِيْثِ الأَوَّلِ يَكُوْنُ المَعْنَى: إِنَّ هَذَا المَرَضُ هُوَ طُهْرٌ لَكَ إِنْ شَاءَ اللهُ ذَلِكَ؛ تَحَاشِيَا لِلجَزْمِ عَلَى اللهِ بِكَوْنِهِ صَنَعَ ذَلِكَ بِهِ، فَهُوَ خَبَرٌ.

2) أَنَّ الدُّعَاءَ فِي الحَدِيْثِ الثَّانِي صَحِيْحٌ أَنَّهُ دُعَاءٌ بِصِيْغَةِ الخِطَابِ وَفِيْهِ تَعْلِيْقٌ مُضْمَرٌ بِالمَشِيْئَةِ؛ وَلِكنَّ مَعْنَاهُ خَالٍ مِنْ عِلَّةِ النَّهْي - وَهيَ المَحْذُوْرَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِيْ سَبَقَ بَيَانُهَا -، وَوَجْهُ عَدَمِ الجَزْمِ فِي الدُّعَاءِ وَتَعْلِيْقِ ذَلِكَ بِالمَشِيئَةِ فِيْهِ؛ أَنَّ المَطْلُوْبَ غَيْرُ مُحَقَّقِ النَّفْعِ وَالخَيْرِيَّةِ - بِخِلَافِ النَّفْعِ وَالخَيْرِ المَحْضِ كَالمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ -، فَيَكُوْنُ المَعْنَى اللَّهُمَّ إِنْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا فِيْهِ خَيْرٌ لِي فَأَعْطِنِي إِيَّاهُ، فَهَذَا التَّعْلِيْلُ خَارِجٌ عَنِ الأَوْجُهِ الثَّلَاثِ الَّتِيْ ذَكَرْنَاهَا، فَهُوَ تَعْلِيْقٌ مِنْ جِهَةِ العِلْمِ وَلَيْسَ مِنْ جِهَةِ المَشِيْئَةِ، وَالحَمْدُ للهِ عَلَى تَوْفِيْقِهِ.

3) أَنَّ الآيَةَ الكَرِيْمَةَ الَّتِيْ ذُكِرَ فِيْهَا التَّعْلِيْقُ بِالمَشِيْئَةِ هيَ أَيْضًا خَالِيَةٌ مِنْ عِلَّةِ النَّهْي، وَمَفَادُهَا اسْتِعَانَةُ مُوْسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باللهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ الصَّبْرِ؛ والتَّخَلِّي عَنْ حَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، وَالثِّقَةُ بِاللهِ وَالاعْتِمَادُ عَلَيْهِ وَالتَّبَرُّكُ بِذِكْرِهِ مُسْتَعِيْنًا بِهِ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015