- الشُّبْهَةُ السَّابِعَةُ) قِيَاسُ التَّوَسُّلِ بِذِكْرِ ذَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاهِهِ عَلَى التَّبَرُّكِ بِآثَارِهِ:

الجَوَابُ (?):

أَنَّ هَذَا القِيَاسَ لَا يَقُوْلُ بِهِ عَالِمٌ، لِأَنَّ التَّبَرُّكَ بِالذَّاتِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيْفَةِ تَتْبَعُ ذَاتَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا قَد انْقَطَعَ بِمَوْتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا بَقِيَ يَقِينًا مِنْ آثَارِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَينَ ذَلِكَ مِنَ التَّوَسُّلِ بِذَاتِهِ وَجَاهِهِ (أي سُؤَالِ اللهِ تَعَالَى بِهِ)، وَفَرْقٌ كَبِيْرٌ لُغَةً وَشَرْعًا بَينَ التَّوَسُّلِ - عَلَى مَا بَيَّنَاهُ سَابِقًا - وَبَينَ التَّبَرُّكِ.

فَالتَّبَرُّكُ هُوَ التِمَاسُ مَنْ حَازَ أَثَرًا مِنْ آثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُصُوْلَ خَيْرٍ بِهِ؛ فهيَ خُصُوْصِيَّةٌ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?)، وَأَمَّا التَّوَسُّل فَهُوَ إِرْفَاقُ دُعَاءِ اللهِ تَعَالَى بِشَيْءٍ مِنَ الوَسَائِلِ الَّتِيْ شَرَعَهَا اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ، كَأَنْ يَقُوْلَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحُبِّي لِنَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْفِرَ لي، وَنَحْوَ ذَلِكَ.

فَالتَّبَرُّكُ يُرْجَى بِهِ شَيْءٌ مِنَ الخَيْرِ الدُّنْيَويِّ فَحَسْب، بِخِلَافِ التَّوَسُّلِ الَّذِيْ يُرْجَى بِهِ أَيُّ شَيْءٍ مِنَ الخَيْرِ الدُنْيَوِيِّ وَالأُخْرَوِيِّ، وَهُوَ عِبَادَةٌ فِي نَفْسِهِ لِمَا يُرَافِقُهُ مِنَ الدُّعَاءِ.

وَإِنَّ الشَّرِيْعَةَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى جَوَازِ التَّبَرُّكِ بِالآثَارِ، وَلَمْ تَدُلَّ عَلَى التَّوَسُّلِ بِالذَّاتِ وَالجَاهِ، وَلَوْ كَانَ خَيْرًا لَعَمِلَ بِهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَوْلُ القَائِلِ - مِنْ بَابِ القِيَاسِ -: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِثَوْبِ نَبِيِّكَ أَوْ نَعْلِهِ أَوْ ...) لَا رَيبَ أَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِيَشُكَّ النَّاسُ فِي عَقْلِهِ وَفَهْمِهِ فَضْلًا عَنْ عَقِيْدَتِهِ وَدِيْنِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015