الشَّرْحُ

- يُوصَفُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِأَنَّهُ الحَاكِمُ وَالحَكَمُ، وَ (الحَكَمُ) اسْمٌ لَهُ ثَابِتٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. (?)

- اسْمُ (أَبِي الحَكَمِ) فِيْهِ مُخَالَفَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

1) أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الحَكَمُ؛ فَفِيْهِ مُنَازَعَةٌ للهِ تَعَالَى فِي اسْمِهِ وَصِفَتِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ (إِنَّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الحُكْمُ)، خَاصَّةً أَنَّهَا مَقْرُوْنَةٌ بِأَلِّ التَّعْرِيْفِ الدَّالَّةِ عَلَى الاسْتِغْراقِ. (?)

2) أَنَّ قَوْلَهُم (أَبَا الحَكَمِ) هُنَا يُفِيْدُ عُلُوَّ وَكَمَالَ هَذِهِ الصِّفَةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَلِيْقُ إِلَّا بِاللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ.

- الكُنْيِةُ مَا صُدِّرَ بَأَبٍ أَوْ أُمٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ ابْنَةٍ وَنَحوِ ذَلِكَ، وَاللَّقَبُ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، كَزَينِ العَابِدِيْن وَنَحْوِهِ.

وَتَكُوْنُ الكُنيَةُ لِلمَدْحِ كَمَا فِي هَذَا الحَدِيْثِ، وَقَدْ تَكُوْنُ لِلذَّمِّ كَأَبِي جَهْلٍ، وَقَدْ تَكُوْنُ لِمُصَاحَبَةِ الشَّيْءِ مِثْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ تَكُوْنُ لِمُجَرَّدِ العَلَمِيَّةِ كَأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

- حُكْمُ اللهِ تَعَالَى أَنْوَاعٌ:

1) قَدَرِيٌّ (كَونِيٌّ)، كَمَا فِي قَوْلِ أَخِي يُوْسُفَ {فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِيْنَ} (يُوْسُف:80).

2) شَرْعِيٌّ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ} (الشُّوْرَى:10).

3) جَزَائِيٌّ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالَتِ اليَهُوْدُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُوْدُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُوْنَ الكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِيْنَ لَا يَعْلَمُوْنَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيْمَا كَانُوا فِيْهِ يَخْتَلِفُوْنَ} (البَقَرَة:113).

- فِي الحَدِيْثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِأَهلِ الوَعْظِ وَالإِرْشَادِ وَالنُّصْحِ إِذَا أَغْلَقوا بَابًا مُحَرَّمًا أَنْ يُبَيِّنُوا للنَّاسِ المُبَاحَ مِنْهُ (أَبَا الحَكَمِ - أَبَا شُرَيحٍ).

- أَسْمَاءُ اللهِ تَعَالَى تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ - مِنْ حَيْثُ جَوَازِ التَّسْمِيَةِ -:

1) مَا لَا يَصِحُّ إِلَّا للهِ؛ فَهَذَا لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ سُمِّيَ وَجَبَ تَغْيِيْرُهُ، مِثْلَ: اللهُ، الرَّحْمَنُ، رَبُّ العَالَمِيْن، وَمَا أَشْبَهَ ذَلكَ.

2) مَا يَصِحُّ أَنْ يُوْصَفَ بِهِ غَيْرُ اللهِ، مِثْلَ: الرَّحِيْمُ، السَّمِيْعُ، البَصِيْرُ، فَإِنْ لُوْحِظَتْ الصِّفَةُ مَعَهَا مُنِعَ مِنَ التَّسَمِّي بِهَا، وَإِنْ لَمْ تُلَاحَظِ الصِّفَةُ جَازَ التَّسَمِّي بِهِ عَلَى أَنَّهُ عَلَمٌ مَحْضٌ. (?)

وَدِلَالَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ كَانَ اسْمُهُ (الحَكَمُ، وَحَكِيْمٌ) وَلَمْ يُغَيِّرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ كَمَا غَيَّرَ اسْمَ أَبِي الحَكَمِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّه عَلَمٌ مَحْضٌ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015