- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) كَيْفَ يَصِحُّ القَولُ بِأَنَّ ابْنَ آدَمَ يُؤْذِي اللهَ تَعَالَى؛ مَعَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ العَالَمِيْنَ سُبْحَانَهُ؟

الجَوَابُ: لَا يَلْزَمُ مِنَ الأَذِيَّةِ الضَّرَرُ، فَالإِنْسَانُ يَتَأَذَّى بِسَمَاعِ القَبِيْحِ أَوْ مُشَاهَدَتِهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، وَأَيْضًا يَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ الكَرِيْهَةِ كَالبَصَلِ وَالثُّوْمِ وَلَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، وَلِهَذَا أَثْبَتَ اللهُ تَعَالَى الأَذِيَّةَ فِي القُرْآنِ وَنَفَى الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِيْنَ يُؤْذُوْنَ اللهَ وَرَسُوْلَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِيْنًا} (الأَحْزَاب:57)، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى قَالَ أَيْضًا: {إِنَّ الَّذِيْنَ اشْتَرَوُا الكُفْرَ بِالأِيْمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ) (آل عِمْرَان:177).

وَأَيْضًا أَثْبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ الأَذِيَّةَ للهِ كَمَا فِي حَدِيْثِ البَابِ (?)، وَأَخْبَرَ أَيْضًا عَنْ نَفْي الضَّرَرِ عَنْهُ تَعَالَى كَمَا فِي الحَدِيْثِ القُدُسيِّ (يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّوْنِي). (?)

وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذَىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوْكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُوْنَ} (آل عِمْرَان:111). (?)

قَالَ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (?): (فَلَيسَ عَلَى المُؤْمِنِيْنَ مِنْهُم ضَرَرٌ فِي أَدْيَانِهِم وَلَا أَبْدَانِهِم، وَإنَّمَا غَايَةُ مَا يَصِلُوْنَ إِلَيْهِ مِنَ الأَذَى؛ أَذِيَّةُ الكَلَامِ الَّتِيْ لَا سَبِيْلَ إِلَى السَّلَامَةِ مِنْهَا مِنْ كُلِّ مُعَادِي).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015