الشَّرْحُ

- الآيَةُ الَّتِيْ فِي التَّرْجَمَةِ يُقْصَدُ بِهَا الشِّرْكُ الأَكْبَرُ بِأَنْ يَجْعَلَ للهِ نِدًّا فِي العِبَادَةِ وَالحُبِّ وَالخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَغَيْرِهَا مِنَ العِبَادَاتِ، وَلَكِنْ أَرَادَ بِهَا المُصَنِّفُ هُنَا الشِّرْكَ الأَصْغَرَ؛ كَالشِّرْكِ فِي الأَلفَاظِ وَالحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ، وَكَالتَّشْرِيْكِ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي الأَلْفَاظِ كَـ: (لَوْلَا اللهُ وَفُلَانٌ؛ وَهَذَا بِاللهِ وَبِكَ)، وَكَإِضَافَةِ النِّعَمِ وَوُقُوْعِهَا لِغَيْرِ اللهِ كَـ: (لَوْلَا الحَارِسُ لِأَتَانَا اللُّصُوْصُ، وَلَوْلَا الدَّوَاءُ الفُلَانِيُّ لَهَلَكْتُ، ولَولَا حِذْقُ فُلَانٍ فِي المَكْسَبِ الفُلَانِيِّ لَمَا حَصَلَ كَذَا)، فَكُلُّ هَذَا يُنَافِي التَّوْحِيْدَ الوَاجِبَ.

وَالوَاجِبُ أَنْ تُضَافَ الأُمُوْرُ وَوُقُوْعُهَا وَنَفْعُ الأَسْبَابِ إِلَى إِرَادَةِ اللهِ ابْتِدَاءً، ثُمَّ يَذْكُرَ معَ ذَلكَ مَرْتَبَةَ السَّبَبِ وَنَفْعَهُ، فَيَقُوْلُ: (لَوْلَا اللهُ ثُمَّ كَذَا)؛ لِيُعْلَمَ أَنَّ الأَسْبَابَ مُرْتَبِطَةٌ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، فَلَا يَتِمُّ تَوْحِيْدُ العَبْدِ حَتَّى لَا يَجْعَلَ للهِ نِدًّا فِي قَلبِهِ وَقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ.

- قَوْلُهُ تَعَالَى {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}: الفَاءُ فِي الآيَةِ الكَرِيْمَةِ هِيَ فَاءُ التَّعْلِيْلِ، وَمَعْنَى الكَلَامِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ كُلَّ مَا سَبَقَ عَن اللهِ تَعَالَى وَنِعَمِهِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ (?)؛ فَإِنَّهُ لَا يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَعَهُ نِدًّا سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، وَالنِّدُّ هُوَ المَثِيْلُ.

- قَوْلُهُ تَعَالَى {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}: يَشْمَلُ العِبَادَةَ وَأَيْضًا الأَسْمَاءَ والصِّفَاتِ.

- قَوْلُهُ (أَخْفَى مِنْ دَبِيْبِ النَّمْلِ عَلَى صَفَاةٍ سَوْدَاءَ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ): الخَفَاءُ هُوَ لِأَثَرِ الدَّبِيْبِ عَلَى الصَّفَاةِ - وَهُوَ الحَجَرُ الأَمْلَسُ -، وَزَادَ الأَمْرَ خَفَاءً ظُلْمَةُ اللَّيْلِ. وَقَدْ سَبَقَ حَدِيْثُ (أَلَا أخْبِرُكمْ بِمَا هُوَ أخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ المَسِيْحِ الدَّجَّالِ؛ الشِّرْكُ الخَفِيُّ، أَنْ يَقُوْمَ الرَّجُلُ فَيُصَلِّيَ؛ فَيُزَيِّنَ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ). (?)

- الحَلِفُ: هُوَ تَأْكِيْدُ الكَلَامِ بِذِكْرِ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوْصٍ، وَيَكُوْنُ غَالِبًا بِالبَاءِ وَالوَاوِ وَالتَّاءِ.

- قَوْلُ (وَاللَّهِ؛ وَحَيَاتِكَ يَا فُلَانُ) فِيْهِ مَنهيَّانِ:

1) الحَلِفُ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى.

2) الشِّرْكُ بِالتَّسْوِيَةِ بَينَهُمَا بِوَاوِ العَطْفِ.

- الكَمَالُ أَنْ يُقَالَ: لَولَا اللهُ لَمْ يَكنْ كَذَا، وَيَجُوْزُ قَوْلُ لَولَا اللهُ ثُمَّ فُلَانٌ لَمْ يَكنْ كَذَا.

- حَدِيْثُ (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ) هُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمرَ وَلَيْسَ عُنْ أَبِيْهِ.

- الحَدِيْثُ الَّذِيْ فِي الحَلِفِ هُوَ مِنَ الكُفْرِ الأَصْغَرِ إِنْ قُصِدَ بِالحَلِفِ تَعْظِيْمُ المَحْلُوفِ بِهِ فَقَط، وَيَكُوْنُ مِنَ الأَكْبَرِ إِنْ كَانَ ذَلكَ عِنْدَهُ مُعَظَّمًا كَرَبِّ العَالَمِيْنَ، وَأَمَّا إِنْ حَلَفَ بِاللهِ كَاذِبًا ثُمَّ لَمْ يَرْضَ بِالحَلِفِ بِغَيْرِهِ كَاذِبًا! فَهوَ مِنَ الشِّرْكِ الأَكْبَرِ، ويَكُوْنُ مِنْ شِرْكِ السَّرَائِرِ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015