الشَّرْحُ

- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ أَنَّ تَوْحِيْدَ العَبْدِ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَعْتَقِدَ العَبْدُ مَا شَرَعَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُوْلِهِ.

- قَوْلُهُ (العُلَمَاءَ وَالأُمَرَاءَ): هُمْ أُوْلُو الأَمْرِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا أَطِيْعُوا اللهَ وَأَطِيْعُوا الرَّسُوْلَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (النِّسَاء:59). وَالأَمْرُ يَشْمَلُ:

1) الأَمْرَ الدِّيْنِيَّ؛ وَأَصْحَابُهُ هُمُ العُلَمَاءُ.

2) الأَمْرَ الدُّنْيَوِيَّ؛ وَأَصْحَابُهُ هُمُ الأُمَرَاءُ.

- قَوْلُهُ (أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْغِ فَيَهْلَكَ): أَيْ: إِذَا رَدَّ بَعْضَ قَوْلِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَوْلِ أَحَدٍ؛ فَإِنَّه يُخْشَى عَلَيْهِ أَنْ يُعَاقَبَ فَيُجْعَلَ فِي قَلْبِهِ الزَّيْغُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ اليَهُوْدِ {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوْبَهُمْ} (الصَّفُّ:5)، فَهُم زَاغُوا بِمَحْضِ إِرَادَتِهِم وَاخْتِيَارِهِم مَعَ بَيَانِ الحُجَجِ وَظُهُوْرِ الدَّلَائِلِ وَالبَرَاهِيْنَ, فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوْبَهُم عُقُوْبَةً مِنْهُ لَهُم عَلَى ذَلِكَ, وَقَدْ يَصِلُ ذَلِكَ إِلَى الشِّرْكِ الأَكْبَرِ إِذَا كَانَ فِي تَحْلِيْلِ الحَرَامِ - مَعَ العِلْمِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ -، أَوْ تَحْرِيْمِ الحَلَالِ - مَعَ العِلْمِ بأَنَّهُ حَلَالٌ -.

- قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (الصَّارِمُ المَسْلُوْلُ) (?): (إِذَا كَانَ المُخَالِفُ عَنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُذِّرَ مِنَ الكُفْرِ وَالشِّرْكِ أَوْ مِنَ العَذَابِ الأَلِيْمِ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُوْنُ مُفْضِيًا إِلَى الكُفْرِ أَوِ العَذَابِ الأَلِيْمِ، وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ إِفْضَاءُهُ إِلَى العَذَابِ؛ هُوَ مَجُرَّدُ فِعْلِ المَعْصِيَةِ، وَإِفْضَاؤُهُ إِلَى الكُفْرِ؛ إنَّمَا هُوَ لِمَا قَد يَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ اسْتِخْفَافٍ بِحَقِّ الأَمْرِ الشَّرْعِيِّ كَمَا فَعَلَ إِبْلِيْسُ).

- قَوْلُ الإمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللهُ: (عَجِبْتُ). العَجَبُ نَوْعَان:

1) عَجَبُ اسْتِحْسَانٍ، كَمَا فِي البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُوْرِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ). (?)

2) عَجَبُ إِنْكَارٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُوْنَ} (الصَّافَات:12)، وَكَمَا فِي كَلَامِ الإِمَامِ أَحْمَدَ هُنَا.

- قَوْلُهُ تَعَالَى {يُخَالِفُوْنَ عَنْ أَمْرِهِ}: الأَمْرُ هُنَا هُوَ وَاحِدُ الأَوَامِرِ، وَلَيْسَ مِنَ الأُمُوْرِ أَي (الشُّؤُوْنِ)، وَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ؛ فَيَعُمُّ جَمِيْعَ الأَوَامِرِ، وَعُدِّيَ فِعْلُ (يُخَالِفُوْنَ) بِـ (عَنْ) لِإفَادَتِهِ مَعْنَى الإِعْرَاضِ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015