هم ظالمون كاذبون في قولهم ذلك {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ} أي وإذ فارقتموهم، وخالفتموهم بأديانكم في عبادتهم غير الله ففارقوهم أيضاً بأبدانكم {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} أي يبسط عليكم رحمة يستركم بها من قومكم {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ} الذي أنتم فيه {مِرْفَقاً} أي أمراً ترتفقون به” اهـ 1.

وهكذا نرى هؤلاء الفتية المؤمنين لم يرضوا ما عليه قومهم من الشرك بالله تعالى، فوحدوا الله تعالى، وتركوا عبادة غيره، ولما أراد قومهم أن يفتنوهم عن دينهم خرجوا فارين بدينهم لا يلوون على شيء، ودخلوا الكهف، وعندئذ قالوا: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} فهؤلاء الفتية توسلوا إلى الله تعالى بتوحيدهم لله عز وجل وتركهم عبادة غيره، واعتزالهم لقومهم، وفرارهم بدينهم، وبعد أن قدّموا هذه الوسائل الصحيحة المقبولة دعوا الله عز وجل وهم واثقون من إجابته دعاءهم، وقد استجاب تعالى دعاءهم فعمّى عنهم أعين طالبيهم من قومهم، ولبثوا في كهفهم ما ينيف على ثلاثمائة عام وهم نيام لا يمسهم سوء 2، ولا يشعر بهم أحد.

وإن التالي لقصصهم ليشعر بقوة يقين هؤلاء الفتية، وثقتهم بربهم عز وجل، وعظيم توكّلهم عليه جل وعلا {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً}

إن موقف هؤلاء الفتية موقف يثير العجب، ويبعث على التأمل، موقف ينبغي أن يدرس لطلابنا في مدارسهم ليكون لهم بهؤلاء الأبطال الذين آثروا الفرار بدينهم، والثبات عليه على الراحة التي كانوا فيها، والرغد الذي عاشوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015