وجدَّدوا عزمهم وندموا على الشر؛ لِمَ فعلوه! وندموا على الخير، لِمَ لَمْ يستكثروا منه! وهذه رتبة عالية، وإن كانت دون الأولى، وهي أغلب أحوال التائبين.

المرتبة الثالثة: وهم الذين يستمرون على التوبة مدة من الزمن ثم ينزعون إلى المعاصي وتغلبهم الشهوات، فيخلطون عملاً صالحًا وآخر سيئًا، ومع ذلك تؤنبهم أنفسهم على ما فرطوا، ويندمون على ما فعلوا، ويجدُّون في قهر أنفسهم؛ لكنما يغريهم التسويف في التوبة وطول الأمل، وهؤلاء على جانب عظيم من الخطورة؛ لاحتمال أن يوافيهم الأجل فيموتوا قبل أن يتوبوا، فيندموا ولات ساعة مندم.

المرتبة الرابعة: وهم الذين استقاموا على التوبة مدة ثم مالت أنفسهم الأمَّارة بالسوء إلى الطبيعة البدنية، وأغوتهم بالشهوات الحسِّيَّة؛ فواقعوا الذنوب دون أن يُحدَّثوا أنفسهم بالتوبة، وهؤلاء يُخشى عليهم سوء الخاتمة إن هم تبعوا هوى أنفسهم وانقادوا لها غافلين عن المصير المحتوم؛ فالعاقل حسن الحظ من قمع نفسه عن غِيِّها، وردَّها إلى طاعة ربها، ورجع إلى الصِّراط السَّوِيِّ، واهتدى بنور الكتاب المبين، وهَدْيِ سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015