سير اليهم الجنود، فعادوا الى طاعته، وخالفه بنو هشام بن عبد الملك سليمان وأبان وغيرهما مع من انضاف اليهم من بنى أمية وحاربوه مرة بعد اخرى، وخالفه ثابت بن نعيم الجذامي، وأجابه كثير من أجناد الشأم كفلسطين وغيرها.

وغلب الضحاك بن قيس الشيباني من بنى المحلم بن ذهل بن شيبان الخارجي الصفرى على العراق، ولم يغلب أحدا من الخوارج قبله ولا بعده عليهما، وسار للقاء مروان في جيوش عظيمة ومعه سليمان بن هشام بن عبد الملك في جمع مواليه ورجاله مؤتما بالضحاك تابعا له، وفي ذلك يقول بعض شعراء الخوارج مفتخرا:

ألم تر أن الله أنزل نصره ... وصلت قريش خلف بكر بن وائل

فالتقيا بكفرتوثا من بلاد الجزيرة، وأقاموا يقتتلون أياما كثيرة أشد قتال الى أن قتل الضحاك وخليفته الخيبري، وتفرق بقية الخوارج، وذلك في سنة 129 وسارت الخوارج الاباضية من اليمن من قبل عبد الله بن يحيى الكندي الملقب طالب الحق، عليهم ابو حمزة المختار بن عوف الأزدي، وبلج بن عقبة، فنزلوا مكة يوم عرفة من هذه السنة، ووادعهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان عامل مكة الى انقضاء الحج ثم هرب وخلاها وسار الى المدينة، ودخلت الخوارج مكة فجهز عبد الواحد للقائهم جيشا، أمر عليهم عبد العزيز بن عبد الله ابن عمرو بن عثمان، وخرجت الخوارج من مكة، فالتقوا بقديد في صفر سنة 130 فقتل عبد العزيز في جمع كثير منهم، من أهل المدينة سبعمائة أكثرهم من قريش، ولم ينج الا الشريد، فقالت نائحتهم:

ما للزمان وما ليه ... أفنت قديد رجاليه

فلأبكين سريرة ... ولأبكين علانية

ودخلت الخوارج المدينة، فغلبوا عليها ثلاثة أشهر، فوجه مروان للقائهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015