التكفير حكم شرعي

وهذا الورع الذي رأيناه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مرده أنهم فقهوا خطورة هذا الباب، كما أدركوا - بما آتاهم الله من فقه وبصيرة - أن التكفير حكم شرعي، كسائر الأحكام الشرعية، لا يصدر فيه إلا عن الأدلة الشرعية المعتبرة.

وقد فقه سلف الأمة وعلماؤها من بعدهم خطورة هذا الحكم من أحكام الشريعة، وحذروا من الخروج فيه عن أدلة الشرع المعتبرة إلى الهوى والرأي والتشفي.

يقول أبو حامد الغزالي: " الكفر حكم شرعي كالرق والحرية مثلاً، إذ معناه إباحة الدم والحكم بالخلود في النار، ومدركه شرعي، فيدرك إما بنص، وإما بقياس على منصوص". (?)

ويؤكد القاضي عياض أن: " كشف اللبس فيه، مورده الشرع، ولا مجال للعقل فيه". (?)

ويقول ابن تيمية: " الكفر حكم شرعي متلقى عن صاحب الشريعة، والعقل قد يُعلم به صواب القول وخطؤه، وليس كل ما كان خطأً في العقل، يكون كفراً في الشرع، كما أنه ليس كل ما كان صواباً في العقل، تجب في الشرع معرفته". (?)

ويقول ابن الوزير: " إن التكفير سمعي محض لا مدخل للعقل فيه"، ويقول: "إن الدليل على الكفر والفسق لا يكون إلا سمعياً قطعياً". (?)

وهكذا فالقول في هذه المسألة وغيرها من مسائل الدين والحياة مرده إلى علم الشريعة وفقه نصوصها، ولا يجوز في ذلك كله الخوض بلا علم ولا برهان من دين الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015