تارة الشرط ويؤخره أخرى, وكذلك فلا فصل بين أن يقول إن كان المشركين وثنيين أو محاربين فاقتلوهم, وبين أن يقول: اقتل المشركين إن كانوا وثنيين ومحاربين.

ومن هذا قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} فقدم الشرط, وقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وهذا تقديم للشرط, ثم قال: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، وهذا تقديم للشرط, ثم قال: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} تأخر من هذا الشرط, فهو في هذا الباب مفارق لامتناع تقدم الاستثناء على جميع الجملة التي هو مستثنى منها, لأنه لا يحسن أن يقول: إلا السيوف وأطراف القنا وزر من غير تقديم شيء من جملة الكلام, نحو قوله: الناس ألب علينا وأمثاله, فافترقا في هذا الباب.

فصل آخر: من القول في حكم الشرط, وقد يصح جعل وجود الشيء شرطًا لوجوب شيء آخر, ويجوز جعل عدم أمر وانتفائه شرطًا لوجوب شيء, فالأول نحو قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} والثاني نحو قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وقوله: {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} في أمثال هذا مما يطول تتبعه.

فصل آخر من القول في ذلك

وقد يكون الشرط زمانًا, وقد يكون مكانًا, وقد يكون فعلًا للواحد المكلف, وقد يكون أفعالًا للجماعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015