وفي هذا نظر, وهو عندنا غير صحيح, لأن أكثر الشروط متوقعة مستقبلة على ما قالوه.

وقد يكون الشرط حاصلًا غير مستقبل والمشروط وجوده لابد أن يكون مستقبلًا, لأن القائل قد يقول إذا قام زيد قمت, فشرط المستقبل بمستقبل مثله.

ويقول أهله اللغة - أيضًا - إن كان زيد اليوم في داره أو راكبًا أو مناظرًا قمت غدًا, وإن كان الأمير اليوم راكبًا في هذه الساعة جئتك غدًا, فيكون المشروط مستقبلًا وشرطه حاصل موجود, فلو تبين لنا أن زيدًا كان في داره, وأن الأمير كان راكبًا, وقبل وقوع المشروط لصح كونه شرطًا, وإن كان حاصلًا وثابتًا قبل المشروط, وإنما يمتنع أن يجعل قيام زيد في الحال شرطًا لصحة قيامه في غد, لأنه قد يصح قيامه في غد وإن لم يكن زيد قائمًا في الحال, فلو قال لا يصح أن يقوم غدًا حتى يكون زيد قائمًا في هذا الحال لأبطل وأحال, لأن ذلك يصح منه, وإن لم يقم زيد.

فصل: وإذا قال الله سبحانه قد أوجبت عليك القيام غدًا, إن كان النبي راكبًا اليوم أو محاربًا لصح ذلك ولوجب القيام في غد إن كان راكبًا ومحاربًا, وليس هذا الشرط شرطًا لله عز وجل, لأنه عالم لا محالة بأن زيدًا قائم أو غير قائم, ولكنه شرط للمكلف فيجب عليه اعتقاد كون هذا القول أمرًا بشرط يجوز كونه حاصلًا ويجوز عدمه.

فصل: فإن قال قائل: فكيف حال هذا القول عند الله عز وجل إن كان زيد قائمًا في هذه الحال وإن لم يكن قائمًا.

قيل له: حاله إنه عنده أمر للمكلف بشرط وجود قيام زيد فإن كان قائمًا فهو أمر له بشرط قد وجد, وإن لم يكن قائمًا فهو أمر على الحقيقة بفعل له

طور بواسطة نورين ميديا © 2015